الثالث: أنَّ المخلوقَ قد
لا يكونُ في نفْسِه باعثٌ لقضاءِ حاجةِ المُحتاجِ إلاَّ إذا أَلَحَّ عليه
الواسطَةُ، أمَّا اللهُ سبحانه وتعالى فهو يُريدُ قضاءَ حوائِجِ عبادِه
ويرْحَمُهُم بدونِ واسطَةٍ؛ ولهذَا قال: ﴿ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾ [غافر: 60]، ولم
يقل: وسِّطوا بيني وبينَكم أَحَدٌ لإجابَتِكم.
الرابع: أنَّ المخلوقَ
يشْفَعُ عندَه الشَّافعُ ويَتَوسَّطُ لديْهِ المتوسِّطُ ولو لمْ يأذنْ ولم يرْضَ
ويضطرُّ لقَبولِ الشَّفاعةِ والوَساطةِ لحاجتِه إلى الشَّافعِ والواسطَةِ، أمَّا
اللهُ جل وعلا فلا يَشْفَعُ أحدٌ عندَه إلاَّ بإِذنِه ورضاهُ عنِ المشفوعِ فيه.
قال تعالى: ﴿وَكَم
مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيًۡٔا إِلَّا مِنۢ
بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ﴾ [النجم: 26] وذلك
لغناهُ عنْ خلقِه وعدمِ حاجتِه إليهِم.
15- قال الرفاعيُّ: «وهؤلاءِ
الجماعةُ جهَلَةٌ ويتَّبِعونَ ابنَ بازٍ ويقولون عنه: إمامٌ منَ الأئمَّةِ».
وأقولُ له: الجماعةُ الَّذينَ
وصَفْتَهم بالجَهْلِ لا يَتَّبِعون ابنَ بازٍ منْ بابٍ التَّعصُّبِ له؛ وإنَّما
يتَّبِعونَه لأنَّه مُتمَسِّكٌ بأدلَّةِ الكتابِ والسُّنَّةِ وهوَ إمامٌ وإن
أنكرْتُ ذلكَ؛ لأنَّ الإمامَ هو العالِمُ القدْوَةُ وابنُ باز جديرٌ بذلكَ لسَعَةِ
عِلْمِه وتقواهُ، ولم يَحصُلْ على الإمامةِ بالهيْلَمةِ والتَّلْمِيعِ كما عليهِ
أئمَّةُ الصُّوفيَّةِ.
16- قال
الرفاعيُّ: «قال العلماءُ: لا فَرْقَ في جَوازِ التَّوسُّلِ بأحبابِ اللهِ
تعالى سَواءٌ كانوا في حياتِهم الدُّنيَويَّةِ أو بعدَ انتقالِهم إلى الحياةِ
البرزَخيَّةِ، فإنَّ أهلَ البرزخِ منْ هم في حضرةِ اللهِ ومَنْ تَوَجَّهَ إليهم
تَوَجَّهُوا إليه، أي في حصولِ مطلوبِه».
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد