ومنَ التَّوسُّلِ بالأشخاصِ ما يكونُ بدعةً
ووسيلةً إلى الشِركِ وليسَ هو شِركًا في نَفْسِه إذا اقتَصَرَ فيه المُتَوسِّلُ
على جَعْلِ المُتوسَّلِ به واسِطَةً بينَه وبينَ اللهِ في قَضاءِ حاجَتِه دونَ أنْ
يَصرِفَ له شَيئًا منْ أنواعِ العبادةِ؛ لأنَّ اللهَ سبحانه وتعالى أَمَرَنا
بدُعائِه مباشَرَةً دونَ واسطَةٍ بينَنا وبينَه قالَ تَعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ
ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾ [غافر: 60] ولم يقلْ: بواسطةِ أحدٍ.
14- ثمَّ قال
الرفاعيُّ: «وأقولُ: إنَّ أمورَ الدُّنيا مِثْلُ أمورِ الآخرةِ فأنا عندما
أبحثُ عن وظيفةٍ ولمْ أجدْها وأذهبُ إلى شخصٍ يَعرفُ مسئول -«كذا» والصواب:
مسئولا- في مؤسَّسةٍ لكي أعمَلَ في هذه المُؤَسَّسةِ فهلْ أنا أَشْرَكْتُ، ولماذا
يكون أمْرُ الآخرةِ خلافًا لذلك خُصوصًا أنّ اللهَ عز وجل سمَّى الرَّسولَ صلى
الله عليه وسلم: الشَّفيعَ. ومعنى الشَّفيعِ: أنَّه يشفَعُ للنَّاسِ يومَ القيامةِ».
انظرْ إلى هذا التّلْبيسِ والتّضْليلِ ولاَ حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ باللهِز
والجوابُ عن ذلك من
وُجوهٍ:
الأول: أنّ أمورَ الدُّنيا
لا تُقاسُ على أمورِ الآخرةِ لمَا بينَهما من التَّفاوتِ العظيمِ الَّذي يَجْعَلُ
القِياسَ فاسِدًا، فالشخصُ في الدُّنيا يَملِكُ إعانَتَك بالوساطَةِ بينَك وبينَ
من تَطلُبُه منَ النَّاسِ، وأمَّا في الآخرةِ فلا أحَدَ يمْلِكُ شَيئًا للآخَرِ
كما قالَ تعَالى: ﴿وَٱتَّقُواْ
يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡٔٗا﴾ [البقرة: 48]، ﴿يَوۡمَ يَفِرُّ ٱلۡمَرۡءُ مِنۡ أَخِيهِ ٣٤ وَأُمِّهِۦ وَأَبِيهِ﴾ [عبس: 34- 35] فلا أحدَ يَسألُ أحدًا.
الثاني: أنَّ اللهَ سُبحانه لا يُقاسُ بخلقهِ، فالمخلوقُ لا يَعْلَمُ أحوالَ النَّاسِ إلاَّ إذا بُلِّغ عنهم. واللهُ سُبحانه يعلَمُ كلَّ شيْءٍ منْ أحوالِ عبادِه وهو أرحمُ بهِم.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد