×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

12- قال الرفاعيُّ: «وطالمَا أنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم دُفِنَ في المسجدِ؛ لأنَّه بيتُه لماذا دُفِنَ أبو بكرٍ وعمرُ بجوارِه»ز

نقولُ له: لمْ يُدْفَنِ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم في المسجدِ، وإنَّما دُفِنَ صلى الله عليه وسلم في بيتِه وفيما بعدَ أُدْخِلَ بيتُه في المسجدِ، ولمْ يُدفَنْ في البَقيعِ مع أصحابِه خَوفًا عليه منَ الغُلُوِّ به كمَا قالتْ عائشةُ رضي الله عنها لمَّا ذَكَرتْ نَهيَه صلى الله عليه وسلم عنِ الغُلوِّ والافتتانِ في قُبورِ الأنبياءِ والصَّالحينَ. قالتْ: «وَلَوْلاَ ذَلكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا» ([1])، ودُفنَ أبو بكرٍ وعمرُ رضي الله عنهما معهُ في هذا المكانِ تَكْريمًا لهما؛ لأنَّهما وزيرَاهُ في الحياةِ وهما أفضلُ أمَّتِهِ. وهذا بإجماعِ الصَّحابةِ.

13- ذَكَرَ الرفاعيُّ مسألةَ التَّوسُّلِ فقالَ: «هناكَ مُتَوسِّلٌ ومُتَوسَّلٌ بهِ ومُتَوسَّلٌ إليهِ، وأنَا مُتَوسِّلٌ والرَّسولُ صلى الله عليه وسلم مُتَوسَّلٌ به والمتوسَّلُ إليهِ هو اللهُ، فلماذا أُشْرِكُ هنا كما يقولُ هؤلاءِ؟».

والجوابُ أن نقولَ: التَّوسُّلُ في اللغةِ: هو التَّقرُّبُ، واللهُ سبحانه وتعالى يُتَقَرَّبُ إليه بالأعمالِ الصَّالحةِ فهيَ الوَسيلةُ الصَّحيحةُ، وأمَّا التَّوسلُ بالأشخاصِ فإنَّه غيرُ مشروعٍ؛ لأنَّه لا دَليلَ عليهِ منَ الكتابِ والسُّنَّةِ لا بالرَّسولِ ولا بغيرِه. والمُتَوسِّلُ بالأشخاصِ يكونُ مشرِكًا إذا دَعاهم من دونِ اللهِ أو ذَبَحَ لهم أو نَذَرَ لهم أو صَرَفَ لهم أيَّ شيءٍ من أنواعِ العبادةِ، كما يفعلُه القبوريُّون الآنَ عندَ القبورِ، أو في أيِّ مكانٍ كما فَعَلَ إخوانُهم الَّذينَ قال اللهُ فيهم: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّ‍ُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [يونس: 18] فسمَّى ذلكَ شِركًا نَزَّهَ نفسَه عنهُ،


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (435)، ومسلم رقم (531).