×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

 بَطَرًا، وَلاَ أَشَرًا، وَلاَ رِيَاءً، وَلاَ سُمْعَةً، وَإِنَّمَا خَرَجْتُ اتِّقَاءَ، سُخْطِكَ، وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ»([1]) قال الرفاعيُّ: فهذا تَوسُّلٌ صريحٌ بكلِّ عبدٍ مؤمنٍ حيًّا أو ميِّتًا، ثمَّ ذَكَرَ الدَّليلَ الثَّانِي عندَه وهو أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا تُوفيتْ وَالدَةُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه قالَ: «الَّلهُمَّ اغْفِرْ لأُِمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ وَوَسِّعْ عَليها مُدْخَلَها بحقِّ نَبِيِّكَ وَالأَنبِيَاءِ الَّذينَ مِن قَبْلِي» ([2]). قال الرفاعيُّ: ومعنى«الأَنبِيَاءِ مِن قَبْلِي»: أنَّ ذلكَ فيهِ التَّوسلُ بالأمواتِ».

والجوابُ عن ذلك من وجوهٍ:

الأول: لمْ يذكرِ الرِّفاعيُّ درجةَ الحديثيْنِ. وقد قالَ العلماءُ قبلَ ابنِ باز وقبلَ ابنِ عثيمينَ: إنَّ حديثَ: «أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ»: في سندِه عطيَّةُ العَوْفِيُّ وهو شيعيٌّ وضعيفٌ مُدَلِّسٌ، وأيضًا ليسَ معناهُ التَّوسُّلُ بالأشخاصِ وإنَّما معنى «حقِّ السَّائلينَ» إجابتُه دعاءَهم كمَا قالَ تَعَالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ [غافر: 60] وإجابةُ الدعاءِ صفَةٌ منْ صِفَاتِ اللهِ فهُوَ يُتَوَسَّلُ إليهِ بصفةٍ من صفاتِه والتَّوسُّلُ بأسماءِ اللهِ وصفاتِهِ مشروعٌ كما قالَ تعَالى: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ [الأعراف: 180].

وأمَّا الحديثُ: الَّذي ذَكَره في شَأْنِ فاطمةَ بنْتِ أَسَدٍ فعَلَيهِ أنْ يُثْبِتَه سَندًا ومَتْنًا، فإنْ صَحَّ فهو منْ جِنْسِ الحديثِ الَّذي قَبْلَهُ في الْمَعْنى، واللهُ لا يَجِبُ عليهِ حَقٌّ لأَحَدٍ، وإنَّما هو سُبحانه يَتَفضَّلُ على عِبادِه فيُكْرِمُهم، والأنبياءُ لا يُتَوَسَّلُوا إلى اللهِ بأشخاصِهم، وإنَّما يُتَوسَّلُ إلى


الشرح

([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (778)، وأحمد رقم (11156).

([2])أخرجه: الطبراني في الكبير رقم (871).