إلاَّ بإذْنِ وليِّ
الأمْرِ، بقولِه: إنَّ المسلمينَ الآنَ ليسوا دولةً واحدةً يَحكُمُها حاكمٌ
واحدٌ، بل هيَ أربعٌ وخمسونَ دولةً لكلٍّ منها حُدودُها وعَلاقَاتُها الَّتي تنبع
من مَصَالحِها فكيفَ يُمكِنُ تطبيقُ شُروطِ الجهادِ في هذهِ الدول المُتعدِّدَةِ».
والجوابُ: أنَّ انقِسامَ
المسلمينَ إلى دُوَلٍ متعدِّدةٍ قديمٍ منْ عصْرِ العَبَّاسيِينَ وليسَ جَديدًا
ولمْ يُبطِلوا الجهادَ ولمْ يُشكِلْ على كلِّ دَولةٍ إسلاميَّةٍ تطبيقُ أحكامِ
الجهادِ؛ لأنَّ كلَّ دولةٍ تُعتَبَرُ مُستقلَّةً عنِ الدَّولةِ الأخرى في
سياسَتِها الدَّاخليَّةِ وتنفيذِ أحكامِ الجهادِ يكونُ في حقِّها بحسبِ ظُروفِها
وأحوالِها. ومعَ ذلكَ يجِبُ تعاونُها معَ الدَّول الإسلاميَّةِ الأخرى حسبَ
إمكانيّاتِها، واللهُ تعَالى يقول: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ﴾ [التغابن: 16].
ثم يتساءل المزيني
فيقول: «ما المرادُ بإعلاءِ كلمةِ اللهِ الَّذي هوَ الغَرَضُ من الجهادِ كما
ذكرتَه».
وأجيبُه: بأنَّ المُرادَ بإعلاءِ كلمةِ اللهِ: ظُهورُ هذا الدِّينِ على الأديانِ كلِّها، كما قال تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ﴾ [التوبة: 33] وليسَ المرادُ من الجهادِ في سبيلِ اللهِ التَّسلُّطَ والتَّجبُّرَ على النَّاسِ أو الرِّياءَ والسُّمعَةَ أو طلبَ المالِ، ويرْجعُ ذلك إلى نيَّةِ المجاهدِ كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ([1]) وهذا مما يُبَيِّنُ شَرَفَ الجهادِ في سبيلِ اللهِ وفضْلَ المجاهدينَ حيثُ لا يكونُ للكفَّارِ بسببِ جهادِنا لهُم سلطانٌ على المسلمينَ ولا يَصُدُّونَ عن سبيلِ اللهِ مَن
([1])أخرجه: البخاري رقم (123)، ومسلم رقم (1904).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد