×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

 بخلافِ المُعترِضِ المعانِدِ فهذا له أسْلوبٌ آخرٌ، واللهُ تَعالى قال: ﴿وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ [العنكبوت: 46] فالظَّالمُ يَستعمِلُ في حقِّه الأسلوبُ المناسبُ ولكلِّ مقامٍ مقالٌ، وهدفي ممَّا أكتُبُ هو بَيانُ الحقِّ وإزالةُ لَبْسِ الشُّبهاتِ الَّتي يُلقِيها بَعضُ الكتَّابِ ﴿إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِيقِيٓ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ [هود: 88] ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل ﴿فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ [البقرة: 137].

ويَرَى المُزينيُّ أنَّ إضْمارَ نِيَّةِ الجهادِ عندَ القُدرةِ عليه كما دلَّ على ذلك الحديثُ الَّذي سُقْناه قَريبًا لا يُمَثِّلُ روحَ الإسلامِ الَّتي تُوجِبُ على الأمَمِ كلِّها السُّعيَ نحوَ التَّعارُفِ.

وأقولُ: هذا فَهْمٌ خاطئٌ لروحِ الإسلامِ ونُصوصه الَّتي تُوجبُ على المسلمين التَّميُّزَ عن الكفَّارِ والبراءةِ منهم ومن دِينِهم وعدمِ الذَّوبانِ، فيهم قال اللهُ تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [آل عمران: 139] وقال تعالى: ﴿لَّا يَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيۡءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗۗ [آل عمران: 28]. والعجيب منَ المزينيِّ وأمْثالِه أنَّهمْ يحاولونَ دَسَّ أفكارَهم المُخالِفَةَ للنُّصوصِ الشَّرعيَّةِ فإذا احتَجَّ عليهم بتلكَ النُّصوصِ قالوا: نحنُ ما أردْنا مُخالَفَتَها وأنتُم لم تَفهموا مَقْصودَنا فيجعلونَ مُخَالِفَهم هو المخطئَ، هكذا يستغفِلُون النَّاسَ ويَصِفونَهم بعدمِ الفَهْمِ، ولا يتَّهمون رأيَهم ويُراجِعونَ أنفُسَهم، ولْيعْلَموا جميعًا أنَّ الأمَّةَ لن تُرخِّصَ عليهم علومَ السَّلفِ وأقوالَهم بمثْلِ هذه الاتِّهاماتِ الرَّخيصَةِ الَّتي هيَ من جنسِ أقوالِ الفلاسِفَةِ والمتكلِّمينَ. ونقولُ في حقِّ هؤلاءِ: هَدانا اللهُ وإيَّاهم لِمعرفَةِ الحقِّ والعملِ به.


الشرح