وقولُ المُزينيِّ
عنِ الجهادِ واستنكارِه لذِكرِه في المُقرَّراتِ الدِّراسيَّةِ: «فقَوْلي لَمْ
يكنْ إلغاءً للجهادِ بلْ مُطالبةٌ بأنْ تَفْقَهَ شروطَهُ وحدودَهُ في الوقْتِ
الحاضِرِ بعيدًا عنِ الشُّروطِ والحُدودِ التِي وضَعَها الفقهاءُ والمُفسِّرونَ
القُدماءُ الَّذين كانوا يَعيشُونَ في عالَمٍ تَختلِفُ فيه العَلاقاتُ عنِ
العَصْرِ الحاضرِ».
أقولُ: اعترَفَ المُزينيُّ
- والحمدُ للهِ - بأنَّ المُقرَّراتِ الدِّراسيَّةَ فيها بيانُ شروطِ الجهادِ
وضوابطِه حسْبَما جاءَ في الكتابِ والسُّنَّةِ وأجْمَعَ عليه العُلماءُ، لكنَّه لا
يَرْضَى هذه الشًّروطَ والضَّوابطَ؛ لأنَّها منْ وَضْعِ القُدامَى كأنَّهم عندَه
جاؤوا بها من عندِهم ولمْ يأخُذوها منَ الكتابِ والسُّنَّةِ.
وهذا تَجْهيلٌ
للسَّلفِ ووَصْفٌ لأحكامِ الجهادِ المأخوذةِ من الكتابِ والسُّنَّةِ بأنَّها لا
تَصْلُح للوقْتِ الحاضِرِ، وكأنَّ الشَّرْعَ قاصِرٌ عنْ مُواكبَةِ العَصْرِ
الحاضرِ، فأيُّ جهْلٍ أعظًمُ منْ هذا الجَهْلِ، وليتَهُ وَضَعَ هذه الشُّروطَ
والحُدودَ الَّتي يَقْتَرِحُها حتَّى ينظُرَ فيها وهل تُوافِقُ الكتابَ
والسُّنَّةَ فتكونُ بديلَةً عن شُروطِ السَّلفِ وحدودِهم وحينئِذٍ نَحْكُمُ على
السَّلفِ بأنَّهم قد أخطئوا وأصَابَ المُزينيّ.
ثمَّ يقولُ المزينيُّ: «إنَّ تقسيمَ
الجهادِ إلى جهادِ دفاعٍ وجهادِ طلبٍ مُخالِفٌ لمَا يَراهُ مُعظَمُ علماءِ
المسلمينَ الآنَ منْ أنَّ الجهادَ مقصورٌ على جهادِ الدَّفْعِ لكنَّ الشيخَ لا
يُقيمُ لهذا الرَّأيِ المُخالِفِ وَزْنًا، ذلك أنَّ آراءَه هو وحْدَه هي الَّتي
تنطَلِقُ منَ الكتابِ والسُّنَّةِ والعقيدةِ الصَّحيحةِ وتَقومُ على منهَجِ
الكتابِ والسًّنَّةِ ومنهجِ السَّلفِ». هذا ما قاله المزينيُّ في حقِّي وحسابُه
على اللهِ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد