وأقولُ له: إنْ كانَ هؤلاءِ
العلماءُ الَّذينَ نَسَبْتَ هذا القَوْلَ إليهِم لا يَرَونَ جهادَ الطَّلَبِ
أصْلاً وأنَّه لم يُشْرَعْ فهذا جُحودٌ لما دلَّ عليهِ الكتابُ والسًّنَّةُ من
مَشروعيَّةِ جهادِ الطَّلبِ عندَ القُدرة عَليهِ، وإنْ كانوا يقولونَ: إنَّ
المسلمينَ الآنَ لا يُطالِبونَ بالقيامِ به مُؤقَّتًا لضَعفِهم عنه فهذا صَحيحٌ
وأنا أقولُ به، ولكنْ ليسَ معنَى هذا أنْ يُلْغَى ذِكْرُ جهادِ الطَّلبِ ولا
تُدَرَّس أحكامُه في المقرَّراتِ الدِّراسيَّةِ؛ لأنَّ هذا إلغاءٌ لحكمٍ من أحكامِ
العقيدةِ.
وأمَّا قولُه عنِّي: أنَّني لا أُقيمُ
وَزْنًا لرأيِ غيرِي، وأنِّي أعتبِرُ رأيي وحدَه هو الَّذي يَنطلِقُ من الكتابِ
والسُّنَّةِ... إلخ، فهذا اتِّهامٌ أبْرَأُ إلى اللهِ منْه وهو اتِّهامٌ لا
يَصدُرُ إلاَّ منْ عاجِزٍ عنِ الرَّدِّ بالحُجَّةِ الصَّحيحَةِ، ومنْ أينَ له
الحُجَّةُ وهذا مَستواهُ منَ العِلْمِ.
ومثْلُ هذا قولُه: «إنَّ الشيخَ
الفوزانَ لا يَرَى أنَّ هؤلاءِ الأعداءَ هم غالبًا مَنْ صَنَعَ الخطابَ الذي
يَنتَمي إليهِ، وهو تَيَّارٌ يرى أنَّه وحدَه الَّذي يُمَثِّلُ الحقَّ وأنَّ مَن
خَالَفَه أدْنَى مُخَالفةٍ إنَّما يمثِّل الباطِلَ».
وأقولُ: أنا - والحمدُ للهِ
- أنتَمِي إلى خطابِ الكتابِ والسُّنةِ ولا أنتَمي إلى تَيَّارِ الأعداءِ؛ وإنَّما
أُحَذِّرُ منه لأنَّ تيَّارَ الأعداءِ هو النِّداءُ جِهارًا بأفكارِهم والتماسُ
إرضائِهم ولو على حسابِ الدِّينِ وأَنْ تُغَيِّرَ مناهجَنا لأجلِهم.
ثمَّ تناوَلَ
المزينيُّ مسألةَ جوازِ تَزوُّجِ المسلمِ من الكتابيَّةِ حيثُ أباحَ اللهُ لنا
تَزَوُّجَ المرأةِ المحصَنَةِ من أهلِ الكتابِ، وأخَذَ المزينيُّ من ذلكَ أنَّه
يدلُّ على جوازِ مَحبَّةِ الكفَّارِ وعدمِ البَراءةِ منهم حيثُ قال: «فكيفَ
يُمكِنُ أنْ يَتَعامَلَ مع زَوجتِه وهو يُعْلِنُ البَراءَةَ منها وممَّا هي عليهِ».
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد