حَتَّى أَتَى
النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْنَ، فَإِنَّ
أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ»، فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ
سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ، فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لأَِنَّكُنَّ
تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ». قَالَ: فَجَعَلْنَ
يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ، يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ مِنْ
أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ ([1]). اهـ. هذا لفظُ
مسلمٍ في صحيحِه. قالوا وقول جابر في هذا الحديث: «سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ» يدُلُّ
على أنَّها كانت كاشفةً عن وجهِها إذ لو كانتْ مُحتجبةً لما رَأى خدَّيْها ولَمَا
عَلِمَ أنَّها سفعاءُ الخَدَّين.
وأُجيبَ عن حديثِ
جابرٍ هذا بأنَّه ليس فيه ما يدُلُّ على أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَآها
كاشفةً عن وجهِها وأقرَّها على ذلك، بل غايةُ ما يفيدُه الحديثُ أنَّ جابرًا رأى
وجهَها وذلك لا يستلزمُ كشفَها عنه قصدًا، وكم من امرأةٍ يسقطُ خمارُها عن وجهِها
من غيرِ قصْدٍ فيرَاه بعضُ الناسِ في تلك الحالِ كما قال نابغةُ ذُبْيان:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه *** فتناولته واتقتنا باليد
فعلى المُحْتَجِّ بحديثِ جابر المذكورِ أنْ يُثبتَ أنه صلى الله عليه وسلم رآها سَافِرةً وأقرَّها على ذلك. وقد رَوَى القصةَ المذكورةَ غيرُ جابر فلم يذكُرْ كشفَ المرأةِ المذكورةِ عن وجهِها. وقد ذكَرَ مسلمٌ في صحيحِه مِمَّن رَوَاها غير جابر أبا سعيدٍ الخدري وابن عباس وابن عمر، وذكره غيره عن غيرهم ولم يقل أحد ممن روى القصة غير جابر أنه رأى خدي تلك المرأة السفعاء الخدين، وبذلك تعلم أنه لا دليل على السفور في حديثِ جابر المذكور، وقد قال النَّووي في شرحِ حديثِ جابر: هذا عندَ مسلم. وقوله؛ فقامتِ امرأةٌ من سِطَة النساءِ هكذا هو في النسخ سِطَة – بكسر
([1])أخرجه: مسلم رقم (885).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد