﴿وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ
وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ﴾ [النور: 31] هي
زينةُ الثيابِ وليستِ الوجهَ والكَّفين كما يقولُ ابنُ عباس، وأيضًا أنت لم تُجِبْ
عن الأدلةِ التي ذكرتَها في الرَّدِّ عليك إلاَّ قولك: إنَّ ذلك خاصٌّ بأزواجِ
النبي صلى الله عليه وسلم. كما قلتُ ذلك لما استدللت عليك بقولِه تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ
مَتَٰعٗا فَسَۡٔلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٖۚ ذَٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ﴾ [الأحزاب: 53] قلت:
إنَّ هذه الآيةَ خاصَّةٌ بأزواجِ النبي صلى الله عليه وسلم، والضميرُ في الآيةِ ﴿سَأَلۡتُمُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: 53] ﴿فَسَۡٔلُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: 53] وإن
كان راجعًا إلى أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلاَّ أنَّ الحُكمَ عام لهن
ولغيرِهن من نساءِ الأمة، فسببُ النزولِ لا يُخصِّصُ مدلولَ الآيةِ وذلك
لوجهين:
الوجه الأول: قياس الأولى، وهو
أنه إذ شرع هذا في حقِّ أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فغيرهن من بابِ أولى.
الوجه الثاني: أنَّ العلةَ التي
عُلِّل بها الحكمُ علةٌ عامةٌ فيكون الحكم عامًا، وقد علَّل اللهُ ذلك بقولِه: ﴿ذَٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ
لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ﴾ [الأحزاب: 53] وطهارةُ القلوبِ مطلوبةٌ لكلِّ مسلمٍ
ومسلمة وليس ذلك خاصًّا بأزواجِ النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرتُ ذلك مع ردِّي
عليك ولم تُجِبْ عنه.
أيضًا أنت تقول: ليس المرادُ بإدناءِ الجلبابِ المذكور في قولِه تعالى: ﴿يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ﴾ [الأحزاب: 59] إدناءَه على الوجه، وقد طالبتُكَ بِبَيانِ ما الذي يدني عليه إذًا فلم تُجِبْني، وهل تبقَى الآيةُ بدونِ تفسير؟ بيِّن لي، وأيضًا لم تُجِبْ عن قولِ عائشةَ رضي الله عنها: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذا مَرَّ بِنَا الرِّجالُ سَدَلَتْ إِحْدَانَا خِمَارَهَا مِنْ عَلَى رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ» ([1])، فهو صريحٌ في تغطيةِ المرأةِ لوجهِها عن الرجالِ وقد أقرَّهن النبيُّ صلى الله عليه وسلم على ذلك، فإن قلتَ كعادتِك: هذا خاصٌّ بنساءِ
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1833)، وأحمد رقم (24021)، والبيهقي رقم (9051).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد