×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثالث

 ﴿وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ [النور: 31] هي زينةُ الثيابِ وليستِ الوجهَ والكَّفين كما يقولُ ابنُ عباس، وأيضًا أنت لم تُجِبْ عن الأدلةِ التي ذكرتَها في الرَّدِّ عليك إلاَّ قولك: إنَّ ذلك خاصٌّ بأزواجِ النبي صلى الله عليه وسلم. كما قلتُ ذلك لما استدللت عليك بقولِه تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ مَتَٰعٗا فَسۡ‍َٔلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٖۚ ذَٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ [الأحزاب: 53] قلت: إنَّ هذه الآيةَ خاصَّةٌ بأزواجِ النبي صلى الله عليه وسلم، والضميرُ في الآيةِ ﴿سَأَلۡتُمُوهُنَّ [الأحزاب: 53] ﴿فَسۡ‍َٔلُوهُنَّ [الأحزاب: 53] وإن كان راجعًا إلى أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلاَّ أنَّ الحُكمَ عام لهن ولغيرِهن من نساءِ الأمة، فسببُ النزولِ لا يُخصِّصُ مدلولَ الآيةِ وذلك لوجهين:

الوجه الأول: قياس الأولى، وهو أنه إذ شرع هذا في حقِّ أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فغيرهن من بابِ أولى.

الوجه الثاني: أنَّ العلةَ التي عُلِّل بها الحكمُ علةٌ عامةٌ فيكون الحكم عامًا، وقد علَّل اللهُ ذلك بقولِه: ﴿ذَٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ [الأحزاب: 53] وطهارةُ القلوبِ مطلوبةٌ لكلِّ مسلمٍ ومسلمة وليس ذلك خاصًّا بأزواجِ النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرتُ ذلك مع ردِّي عليك ولم تُجِبْ عنه.

أيضًا أنت تقول: ليس المرادُ بإدناءِ الجلبابِ المذكور في قولِه تعالى: ﴿يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ [الأحزاب: 59] إدناءَه على الوجه، وقد طالبتُكَ بِبَيانِ ما الذي يدني عليه إذًا فلم تُجِبْني، وهل تبقَى الآيةُ بدونِ تفسير؟ بيِّن لي، وأيضًا لم تُجِبْ عن قولِ عائشةَ رضي الله عنها: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذا مَرَّ بِنَا الرِّجالُ سَدَلَتْ إِحْدَانَا خِمَارَهَا مِنْ عَلَى رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ» ([1])، فهو صريحٌ في تغطيةِ المرأةِ لوجهِها عن الرجالِ وقد أقرَّهن النبيُّ صلى الله عليه وسلم على ذلك، فإن قلتَ كعادتِك: هذا خاصٌّ بنساءِ


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (1833)، وأحمد رقم (24021)، والبيهقي رقم (9051).