فَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾ [النحل: 106]
والجاهلُ والمتأوِّلُ والمقلِّدُ يُبيِّنُ لهم فإنْ أصرُّوا على ما هُم عليه
حُكِمَ بكفرِهم لزوالِ عُذرِهم. واللهُ تعالى قال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ
فَتَبَيَّنُواْ وَلَا تَقُولُواْ لِمَنۡ أَلۡقَىٰٓ إِلَيۡكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسۡتَ
مُؤۡمِنٗا﴾ [النساء: 94] فمَن أظهرَ الإسلامَ ونطقَ بالشهادتين وجَبَ الكَفُّ عنه
لأنه صار مسلمًا حتى يَتبيَّنَ منه ما يُناقضُ الإسلامَ فحينئذٍ يُحكَمُ عليه
بالرِّدةِ ما لم يكُن له عذرٌ من الأعذارِ السابقِ بيانُها.
ثم إنه لا يجوزُ أن
يُحكَمَ على الشخصِ بالكفرِ بمجرَّدِ الشائعات، وإنما يُحكَمُ عليه بإقرارِه هو
على نفسِه أو بشهادةِ العُدولِ عليه بما صدَر منه بعدَ التأكدِ التامِ من كونِه
غيرَ معذورٍ بشيءٍ من الأعذارِ السابقِ ذكرُها. قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ
فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا
فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ﴾ [الحجرات: 6] والذين يتولَّون إصدارَ الأحكامِ على من
حصَل منهم ما يخِلُّ بالعقيدةِ من نواقضِ الإسلامِ هم العلماءُ الراسخون.
وليس من حقِّ كلِّ
متعلِّمٍ أو جاهلٍ أن يتولَّى ذلك لأنَّ هناك فرقًا بينَ الحُكمِ العامِ والحكمِ
الخَاص، كما سبق. ومن حَكمَ في هذه الأمورِ بغيرِ علمٍ فهو على طريقةِ الخوارجِ
الضُّلاَّل الذين يُكفِّرون المسلمين ويَستحِلُّون دماءَهم وأموالَهم كما أخبرَ
عنهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم نعوذُ باللهِ من طريقتِهم ونسألُه أن يكُفَّ
شرَّهم عن المسلمين.
فمسألةُ التكفيرِ
مسألةٌ صعبةٌ وخطيرةٌ ولذا ذكرَها العلماءُ في كتبِ العقائدِ وكتبِ الفقه من أجْلِ
أن تُدرَّسَ وتُبيَّنَ للناس. وهذا موجود، وللهِ الحمد. وفي المقرراتِ الدراسيةِ
من أجْلِ أنْ تُشرَحَ وتُبيَّنَ للطلابِ حتى لا يَنزلِقوا مع أهلِ الضَّلالِ
نتيجةً لسوءِ الفَهْم كما حصَل للخوارج.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد