×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثامن

أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، وأُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ»  ([1]).

عباد الله، إن الله سبحانه وتعالى نَوَّعَ العبادة بأنواع كثيرة، فالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة فمنها ما هو باللسان: كذكر الله عز وجل بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد والثناء على الله والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم العلم النافع، ومنها ما هو بالقلب: كخشية الله ومحبته والخوف منه والرغبة إليه والرهبة منه سبحانه وتعالى ومنها ما هو على البدن: كالصلاة والصيام والجهاد والهجرة، وغير ذلك من الأعمال البدنية ومنها ما هو بالمال كالزكاة فإنها عبادة مالية، ومنها ما هو مركب من العبادة المالية والعبادة البدنية كالحج فإنه يجمع بين عبادة الله ببذل المال وعبادة الله ببذل البدن فالحاصل أن العبادة أنواع كثيرة منوعة ومنها ما هو مقيد بوقت لا يقبل إلا في ذلك الوقت ومنها ما هو مطلق في جميع الأوقات من أجل أن تتاح الفرصة للمسلم أن يأتي من العبادة ما يستطيع، فالله سبحانه وتعالى فرض الصلوات الخمس في أوقات محددة، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا [النساء: 103] أي مفروضةً في أوقات محددة لا تقبل إلا فيها، قال تعالى: ﴿أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا [الإسراء: 78] هذا بيان مجمل أو ذكر مجمل لمواقيت الصلاة ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم فَصَّل هذا الإجمال بقوله وفعله فبين صلى الله عليه وسلم أن دخول وقت


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2577).