×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثامن

محمد صلى الله عليه وسلم فالله جل وعلا ذكر قصته مبسوطةً في سورة الأعراف وفي سورة القصص وذكرها مجملةً في مواضع من القرآن، وذلك أن فرعون الذي هو ملك مصر من القبط كان متجبرًا، وكان يدعي الربوبية ويقول: ﴿مَا عَلِمۡتُ لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرِي [القصص: 38] ﴿أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ [النازعات: 24] بلغ به الطغيان والظلم إلى أن يتجبر على بني إسرائيل وأن يستضعفهم وأن يذلهم وأن يعذبهم بأصناف العذاب فالله سبحانه وتعالى أراد أن يقضي على هذا الجبار وأن ينصف بني إسرائيل ويجعل لهم العاقبة، كان متخوفًا من بني إسرائيل لأنه قد اضطهدهم اضطهادًا عظيمًا وهم أفضل الناس في وقتهم؛ لأنهم من ذرية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من ذرية إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فكان يخاف منهم أن ينتصروا عليه وأن ينتقموا منه فكان أن أمر بذبح أبنائهم واستحياء نسائهم، بذبح أبناء بني إسرائيل لئلا يظهر منهم من ينتصر لقومه واستحياء نساء بني إسرائيل للخدمة ليخدموا في بيوت القبط والجبابرة إلا أن القدر نافذ والحذر لا يقي من القدر فقد قدر الله سبحانه وتعالى أن يدير الدائرة على القبط وأن ينصر المستضعفين كما هي سنته سبحانه وتعالى في خلقه أنه يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، فلمَّا كان يُقَتِّل في أبناء بني إسرائيل لم ينفعه ذلك مما كان يحذر، بل لما حملت أم موسى عليه السلام به أوحى الله إليها -أي ألهمها- وحي إلهام لا وحي نبوة ألهمها بأنها تتخلص من متابعة هذا الجبار فألهمها أن تصنع صندوقًا من الخشب يسمى بالتابوت وأن تضع طفلها فيه فتختمه عليه وتغلقه عليه، فإذا خلت به أخرجته وأرضعته، وإذا خافت وضعته في التابوت وأغلقت عليه فصادف أن دخلوا عليها، بلغهم الخبر خبر ولادته دخلوا عليها فألقته في اليم -يعني في النهر- 


الشرح