×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثامن

ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى أمر بحماية الأعراض وجعل ذلك من الضرورات الخمس التي جاء الإسلام بالمحافظة عليها. فالاعتداء على الأعراض كبيرة من كبائر الذنوب وظلم الناس وإثم عظيم. ويكون ذلك بالغيبة، قال تعالى: ﴿وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٞ [الحجرات: 12]، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة فقال: «الْغَيْبَة ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ»  ([1]).

والنميمة وهي نقل الحديث بين الناس على وجه الإفساد والوشاية ولذلك قال جل وعلا: ﴿وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ ١٠ هَمَّازٖ مَّشَّآءِۢ بِنَمِيمٖ ١١ [القلم: 10، 11] والنمام يفسد المجتمع ويفرق بين الأحبة وقد يوقع في الحرب والقتال لما يقوم به من الإفساد بين الناس. فلذلك جاء في الحديث الصحيح: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ»  ([2]).

وكذلك القذف وهو الرمي بالزنا أو باللواط فلا يجوز أن يرمى مسلم بالفاحشة، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ٱلۡغَٰفِلَٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ٢٣ يَوۡمَ تَشۡهَدُ عَلَيۡهِمۡ أَلۡسِنَتُهُمۡ وَأَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٢٤ يَوۡمَئِذٖ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلۡحَقَّ وَيَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ ٱلۡمُبِينُ ٢٥ [النور: 23- 25]، هذا في الآخرة.

وأما في الدنيا فإن الله شرع جلد القاذف إذا لم يثبت ما قاله في أخيه من رميه بالزنى، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَأۡتُواْ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَٰنِينَ جَلۡدَةٗ وَلَا تَقۡبَلُواْ لَهُمۡ شَهَٰدَةً أَبَدٗاۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٤ إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٥ [النور: 4، 5].


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2589).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (105).