وَٱلۡحِكۡمَةَ
وَيُزَكِّيهِمۡۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ﴾ [البقرة: 129]، فاستجاب الله دعوة الخليل وبعث
هذا الرسول صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل، واندراس من السبل، فقام بأعباء
الدعوة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، والشهادة له
بالرسالة مقرونة بالشهادة لله جل وعلا بالألوهية والوحدانية فلا تكفي شهادة أن لا
إله إلا الله حتى تشهد أن محمدًا رسول الله، فالشهادتان هما الركن الأول من أركان
الإسلام ومعنى شهادة أن محمدًا رسول الله: أن تقر بلسانك وتنطق وتعترف أنه رسول
الله حقًا وأن تعتقد بقلبك ما ينطق به لسانك، أما من شهد أنه رسول الله بلسانه فقط
دون قلبه، وقلبه منكر فهذا هو المنافق، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار، قال
تعالى: ﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ
وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ
لَكَٰذِبُونَ﴾
[المنافقون: 1]، فهم يشهدون أنه رسول الله في الظاهر لكنهم ينكرون هذا في الباطن،
وكذلك من اعترف أنه رسول الله بقلبه وأبى أن ينطق بلسانه، فإنه مع الكافرين قال
تعالى: ﴿قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا
يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ﴾ [الأنعام: 33]، فاليهود والنصارى وسائر المشركين
يعرفون أنه رسول الله حقًا ولكن منعهم الحسد ومنعهم الكبر ومنعتهم الحمية الجاهلية
أن يصرحوا بذلك، ولهذا قال جل وعلا عن أهل الكتاب: ﴿ٱلَّذِينَ
ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ
وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنۡهُمۡ لَيَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 146]، أي: يعرفون محمدًا صلى الله عليه
وسلم ورسالته، وهم يجدونه عندهم في التوراة والإنجيل (يجدونه مكتوبًا عندهم) في
التوراة والإنجيل ﴿ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ
ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ
يَأۡمُرُهُم
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد