وهذا يدل على خاصية هذه العشر المباركة، وكذلك كان النبي صلى الله عليه
وسلم يعتكف في هذه العشر الأواخر والاعتكاف لزوم مسجد لعبادة الله سبحانه وتعالى
فكان صلى الله عليه وسلم يبقى في المسجد ليلاً ونهارًا في هذه العشر الأواخر؛
ليتفرغ لعبادة ربه وينفرد عن الناس ويعتزل في معتكفه ليشغل وقته في عبادة ربه عز
وجل هذا هو الاعتكاف المشروع، وما كان يقصد به التفرغ لعبادة الله وإشغال وقته
بالعبادة إلا ما يحتاجه للراحة حتى يتقوى على عبادة ربه.
وكذلك كان صلى الله عليه وسلم يتهجد من الليل بل كان يحيى هذه الليالي
بمعنى أنه يشغلها بصلاة التهجد، وطول القيام وكان صحابته الكرام والسلف الذين
جاءوا من بعده يقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم فيتهجدون في هذه الليالي يشغلونها
بالصلاة في أول الليل صلاة التراويح، وفي آخر الليل بالتهجد وكانوا يطيلون القيام
وكانوا لا ينصرفون إلا عند السحور، كل ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في
إحياء هذه الليالي.
وكان صلى الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر في هذه العشر الأواخر أكثر من غيرها فلذلك كان يخص هذه العشر بالاجتهاد في العبادة من تهجد وتلاوة القرآن واعتكاف طلبًا لليلة القدر التي قال الله جل وعلا فيها: ﴿لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ﴾ [القدر: 3]، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ([1])، فمن وفق لقيام هذه الليلة والعمل الصالح فيها؛ فإن ذلك يعادل عبادة ألف شهر أي ثلاثة وثمانين عامًا وأربعة أشهر، فالعمل في هذه الليلة يعادل العمل في هذه المدة الطويلة، وهذا العمر المديد وهذا فضل من الله تفضل به على عباده المسلمين بأن خصهم بهذه الليلة، وجعلها في هذا الشهر، وفي هذه
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1802)، ومسلم رقم (760).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد