صاحبه، ولهذا قال الله جل وعلا: ﴿خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ
لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ﴾ [الملك: 2]، ولم يقل أيكم أكثر عملاً، وقال
تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلۡنَا
مَا عَلَى ٱلۡأَرۡضِ زِينَةٗ لَّهَا لِنَبۡلُوَهُمۡ أَيُّهُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗا﴾ [الكهف: 7].
فالعبرة بحسن العمل لا بكثرته، ولا يكون العمل حسنًا إلا إذا كان خالصًا لوجه الله وصوابًا على سنة رسول الله، فإن خلا من هذين الشرطين أو أحدهما فإنه يكون هباء منثورًا، لا ينفع صاحبه مهما كثر ومهما تنوع فإنه مردود كله ويكون كالرماد، ويكون وبالاً على صاحبه ويكون كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا وإن الله سبحانه وتعالى محصٍ علينا أعمالنا ومجازينا بها كما في الحديث القدسي أن الله جل وعلا قال: «يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ» ([1])، فأنت أيها الإنسان تعمل لنفسك خيرًا أو شرًا، فعليك أن تتنبه لذلك، فإن الله لم يوجدك في هذه الحياة لتجمع الدنيا ولتعمر القصور ولتزرع النخيل والبساتين فقط، وتغفل عن العمل الصالح، تغفل عن الآخرة وإنما أوجدك في هذه الدنيا لتعمل لنفسك قبل موتك، ولا مانع أن تستعين بالدنيا على العمل الصالح، فإن الدنيا مزرعة الآخرة: ﴿وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ﴾ [القصص: 77]، فمن الناس من اتجه إلى الدنيا بكليته ولم يلتفت إلى الآخرة، ولم تطرأ له على بال وإنما همه الدنيا يجمعها ويتعب فيها ويحرسها ويتعاهدها عن النقص هكذا حياته كلها مصروفة
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2577).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد