مستقيم وأما غيره، فإن الله ذكر في هذه السورة العظيمة أن غير الصراط
المستقيم: إما طريق المغضوب عليهم، وهم الذين علموا الحق ولم يعملوا به
واتبعوا أهواءهم واتبعوا شهواتهم وتركوا الحق لا عن جهل به ولكن عن عناد وتكبر
وإعراض وفي مقدمة هؤلاء اليهود، فإن الله أعطاهم العلم ولكنهم لم يعملوا به
واتبعوا أهواءهم ورغباتهم وما تملي عليه شهواتهم ولذلك غضب الله عليهم﴿غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ
عَلَيۡهِمۡ﴾ [الفاتحة: 7] وهم كل من علم الحق ولم يعمل به فإنه مغضوب عليه؛ لأنه ليس
من يعلم كمن لا يعلم وغضب الله لا تقوم له الجبال الرواسي والعياذ بالله غضب الله
شديد لا يقوم له شيء فمن أبى أن يسلك الصراط المستقيم بعد معرفته ووضوحه فإن الله
يغضب عليه، والطريق الثاني المخالف للصراط المستقيم: طريق الذين يعبدون
الله على جهل وضلال بغير علم وإنما يعملون بالبدع والمحدثات والخرافات ولا يرجعون
إلى القرآن وإلى السنة وإنما يعملون بما تستحسنه نفوسهم من البدع أو بما يستحسنه
لهم قادتهم ورؤساؤهم ويقلدونهم تقليدًا أعمى على غير بصيرة ولا يرجعون إلى كتاب
الله ولا إلى سنة رسول الله ولا يقبلون التوجيه ولا يقبلون النصيحة فهؤلاء ضالون
والضال هو من ترك الطريق السليم وذهب مع طريق الهلاك والمتاهة فهذا ضال لا يدري
إلى أين ينتهي فهو ضال تائه في سيره يتبع كل ناعق ولو كان عدوًا له ويتبع السراب
يظنه ماءً؛ لأنه عطشان حتى إذا اقترب منه لم يجده شيئًا؛ لأنه يسير خلف السراب ولا
يسير إلى الماء الذي ينتهي إليه الصراط المستقيم ونحن في هذه الدنيا يا عباد الله
بأمس الحاجة إلى أن ندعو الله عز وجل من خلال قراءة هذه السورة العظيمة ونكررها في
كل ركعة بالتأمل والتدبر والعمل بها، فإننا بحاجة إليها لأن
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد