غضبه ثم خطب صلى الله عليه وسلم وقال: «مَا
بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلهِ
وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، وَلَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ،
وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» ([1]).
هكذا يا عباد الله الاستقامة تكون على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك الطرف الثاني والنقيض الثاني، وهو التساهل يقابل الغلو، التساهل والجفا فلا يكتفي الإنسان بأن يقول أنه مسلم أنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويتساهل في الأعمال ويضيع الأعمال حتى ربما أنه يضيع الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي عمود الإسلام، فأين هذا من الاستقامة؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: «اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاَةُ، وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ» ([2])، فالذي يتساهل في دينه، ويقول الدين سمح، الدين سهل ويتساهل في أوامر الله ويرتكب المحرمات ويضيع الواجبات ويقول الدين يسر الدين سهل هذا خداع من الشيطان، فالواجب على الإنسان أن يعتدل لا يكون متشددًا ولا يكون متساهلاً في دينه، وهذا مما يسهل على الإنسان الاستمرار على الطاعة، أما إذا تشدد في الدين وغلا في العبادة فإنه يترك العبادة ولا يدوم عليها؛ لأن هذا يشق على نفسه كما قال: «إِنَّ الْمُنْبَتَّ لاَ ظَهْرًا أَبْقَى وَلاَ أَرْضًا قَطَعَ» ([3])، وكذلك التساهل لا يبقى عنده شيئًا من الدين فإن الشيطان يتدرج به، ولهذا قال جل وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4776)، ومسلم رقم (1401).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد