×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثامن

إن الرقية لها أناس معروفون بالدين، معروفون بالورع، معروفون بالعقيدة الصحيحة، ولا يذهب إلى كل من هب ودب من غير أن يعرف من أين جاء؟ وما هي عقيدته؟ وأين تعلم؟ وما هي محافظته على دينه وعلى صلاته؟ بل بمجرد أنه يرقي المرضى! فهذا من الخطر العظيم ومن الخطر على العقيدة لأن الإنسان قد يذهب إلى ساحر، قد يذهب إلى كاهن قد يذهب إلى منجم يفسد عقيدته ويأمره بالشرك والذبح لغير الله ودعاء غير الله قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» ([1])، وقال: «مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» ([2])، فعلى من ابتلي بالمرض أن لا يذهب إلى كل أحد، خصوصًا وأن الذين يدعون الرقية قد كثروا في البلاد وبثوا الدعايات لهم؛ وهناك من يرغب في الذهاب إليهم من غير بصيرة ومن غير روية.

فعليكم أن تتقوا الله يا من ابتليتم بالمرض أن تعلموا: أن هذا من الله وأنه لا كاشف له إلا الله: ﴿وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يَمۡسَسۡكَ بِخَيۡرٖ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ [الأنعام: 17]، فالله سبحانه وتعالى هو الذي ينزل المرض وهو الذي يرفعه ويشفيه، ولكنه جعل أسبابًا نافعةً من الأدوية والعلاجات والرقى الصحيحة والأمر بيد الله سبحانه وتعالى وإنما هذه أسباب إن شاء الله نفعت وإن شاء لم تنفع، فعلى المسلم أن يعلق قلبه بالله وأن يتوكل على الله، وأن يفعل ما أباح الله له من العلاج والدواء فإن الله سبحانه وتعالى قريب مجيب إذا توكل عليه وآمن به واقتصر على ما أباحه


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2230).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (135)، وابن ماجه رقم (639)، وأحمد رقم (9290).