والأحياء كلها عبادة باطلة أبطلتها كلمة لا إله إلا الله فهي نفي وإثبات، نفي للألوهية عما سوى الله جل وعلا وإثبات للألوهية لله جل وعلا وحده لا شريك له، هذا هو معناها ولها حقوق ولها مقتضى، فإذا عرفت معناها وقد قال جل وعلا: ﴿فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ﴾ [محمد: 19]، اعلم معناها وتعلم معناها، فاعلم أنه لا إله إلا الله، وقال تعالى: ﴿وَلَا يَمۡلِكُ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ [الزخرف: 86]، شهدوا بالحق وكلمة الحق هي لا إله إلا الله، وهم يعلمون معناها لا أنهم يقولون لفظًا مجردًا لا يعرفون معناه ثم أيضًا لا يكفي أن تعرف معناها بل لابد أن تعمل بمقتضاها؛ لأن العلم بمعناها وسيلة إلى العمل بمقتضاها وذلك بأن تفرد الله سبحانه وتعالى بالعبادة وتعتقد أن عبادة ما سواه باطلة، وتتبرأ منها ومن أهلها قال الله جل وعلا: ﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّۚ فَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 256]، يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله هذا معنى لا إله إلا الله، ومقتضاها أنك تفرد الله بجميع أنواع العبادة وأن تتبرأ وتكفر بعبادة من سواه كائنًا من كان، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ» ([1]). قال في حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه: «فَإِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ» ([2])، لم يكتف بأن قال لا إله إلا الله بل قال: يبتغي بذلك وجه الله، بأن يخلص النية لله عز وجل ويعرف معنى هذه الكلمة،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (128)، ومسلم رقم (32).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد