×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثامن

 فراغ من الوقت، ولهذا قال الله جل وعلا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ [الشرح: 7]، إذا فرغت من أعمالك فانصب في طاعة الله، اتعب في طاعة الله سبحانه وتعالى ؛ لأنها فرصة قصيرة وثمينة، ولهذا أقسم الله بالعصر، وأقسم بالليل إذا يغشى، وأقسم بالضحى والليل إذا يغشى مما يدل على عظمة هذا الوقت وقيمته قال تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ خِلۡفَةٗ لِّمَنۡ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوۡ أَرَادَ شُكُورٗا [الفرقان: 62]، فهذا الوقت هو حصيلتك أيها المسلم من هذه الدنيا فعليك أن تبادره قبل فواته وأن تشغله بطاعة الله سبحانه وتعالى، فإن كان انقضى رمضان، كما هي سنة الله جل وعلا في خلقه أن هذه الدنيا في زوال وانقضاء آجال وكل شيء له أجل، فإن كان انقضى شهر رمضان فإن طاعة الله لا تنقضي، وإن الأعمال الصالحة ليس لها حد إلا الموت، فعليك أن تبادر أوقاتك بما ينفعك في دينك ودنياك، واحذر من تضييعها وفواتها بفراغ لا فائدة فيه أو بعمل سيء يشقيك في آخرتك، فإن الآخرة مبنية على هذه الدنيا، الدنيا هي مزرعة الآخرة، فإن زرعتها بخير تحصد خيرًا وإن زرعتها بالشر تحصد شرا، وأنت مع هذه الفرصة وهذا العمر مثل الإنسان الذي أعطي قطعةً خصبةً من الأرض وقيل له: ازرعها بما يفيدك، فإن زرعها أنتجت له طيب الثمرات والخيرات فأكل وتصدق وادخر، وإن زرعها بالشوك والحنظل والمعاصي والسيئات جنى منها شر الجني يوم القيامة، فأنت حسب ما تزرع في هذه الأرض التي منحت إياها وإن تركتها بدون زراعة فإنك لا تحصد إلا الهم والغم، فعليك أن تبادر -أيها المسلم- تبادر أوقاتك قبل الفوات وتعلم أن الإمكانيات لا تدوم قد أعطاك الله قوة في بدنك وفي سمعك وفي بصرك وأدر عليك الرزق، وأصحك


الشرح