وأثْبَتُوا معانِيها على الوَجْهِ
الذي تدُلُّ عليه، ولم يُحرِّفُوها، ولم يُؤوِّلُوها، وليقولوا: إنَّها مِنَ
المُتشابِه، بل قالوا: إنَّها مِنَ المُحكَمِ البَيِّنِ الَّذي يُعرَفُ معناهُ،
وتُجهَلُ كَيفيَّتُه، وليست منَ المُتشابِهِ الذي لا يُعرَفُ معناهُ، بل هي منَ المُحكمِ
الواضحِ، ولم يقولوا: إنَّها تُشبِهُ صفاتِ المَخلوقينَ، بل قالوا: إنَّها تَليقُ
باللهِ، وهذا ما عليه الصَّحابةُ والتَّابعُون ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ، ومَن جاءَ بعدَهم
منَ المُحقِّقين كانوا على هذا المَنهجِ، الَّذي هو إثباتُها كما جاءَتْ، مِن غيرِ
تَحريفٍ ولا تأويلٍ، ومِن غيرِ تكييفٍ ولا تمثيلٍ، على ما جاءَتْ، كما يليقُ
باللهِ عز وجل، ليسَتْ كصِفاتِ المَخلوقينَ؛ قال تَعالى: ﴿لَيۡسَ
كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]، هذا
ما عليهِ أهْلُ السُّنَّةِ والجماعةِ وأئمَّتُهم في ذلكَ مِن صحابَةِ رسولِ اللهِ
صلى الله عليه وسلم منَ المُهاجِرينَ والأنصارِ، والَّذين اتَّبعوهم بإحسانٍ، ومَن
جاءَ بعدَهم، وسَلكَ سَبيلَهم. هذا ما أجابَ به الشَّيخُ رحمه الله في هذه
الرِّسالةِ، ولكنْ لمَّا ظهَرَ هذا الجوابُ حصَلَ بِسبَبِه أمورٌ ومِحَنٌ، كما ذَكرَ
الشَّيخُ، امتُحِنَ الشَّيخُ فيها، وحُوكِم، ولمَّا لم يَتغلَّبُوا عليه
بالحُجَّةِ، سجَنوه بسَببِها، وبسببِ جَوابِه عن زيارَةِ القُبورِ، ومَنْعِه
السَّفرَ لزيارةِ القُبورِ، شنَّعوا عليه، وشدَّدُوا؛ لأنَّهم يَرَوْن السَّفرَ
للقُبورِ، فهم عُبَّادُ قبورٍ وأضرحةٍ، وهو قدْ سدَّ الطَّريقَ عليهم، قالوا:
إنَّه يَتنَقَّصُ الأولياءَ، ويَتنَقَّصُ الصَّالحينَ، و شنَّعوا عليه بسَببِ هذا
الجوابِ، ولكنْ الحمدُ للهِ لم يفوزُوا بطائلٍ، وإنَّما فازوا بالخِزْي
والذِّلَّةِ والهَوانِ، وظهَرَ الحقُّ وللهِ الحمدُ وهم له كارهون.
الصفحة 2 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد