فَصارَ هذا
الباطِلُ مركبًا مِن فَسادِ العَقْلِ والكُفْرِ بالسَّمْعِ، فإنَّ النَّفْيَ
إِنَّما اعتمدُوا فِيهِ عَلَى أُمورٍ عَقلِيَّةٍ ظَنُّوهَا بَيِّنَاتٍ، وهيَ
شُبُهاتٌ، والسَّمعَ حَرَّفُوا فيهِ الكلامَ عَن مَواضِعِهِ.
****
يقولون: لا نُفسِّرُها، بل نَكِلُ
تَفسيرَها إِلَى اللهِ، أمَّا هي فلا تَدُلُّ عَلَى صِفَةٍ، وقالُوا: لا نَعلَمُ
مَعناها، وهذا هو الَّذِي وَصفُوا به السَّلَفَ: أنَّهُم يُبْقُوا اللَّفْظَ،
ويُفَوِّضُونَ المَعنَى، فهُم نَسبُوا آفتَهُم وعِلَّتَهُم إِلَى السَّلَفِ، كما
قال فِي المَثَلِ:«رَمَتْنِي بِدَائِهَا، وَانسَلَّتْ»، فهم المُفوِّضَةُ
فِي الحقيقةِ، وليس السَّلَف.
لمَّا اعتَمدُوا فِي نَفْيِ الصِّفاتِ عَنِ اللهِ عَلَى قواعدِ المَنطِقِ، وعِلْمِ الكلامِ، الَّتِي يُسمُّونَها أدِلَّةً عَقلِيَّةً يَقِينِيَّةً، وأنَّ أدِلَّةَ القرآنِ والسُّنَّةِ أدِلَّةٌ ظَنِّيَّةٌ عندهم؛ فلذلِكَ قدَّمُوا العقلَ عَلَى أدِلَّةِ الكتابِ والسُّنَّةِ، بِناءً عَلَى هذهِ القاعدةِ الخبيثةِ الَّتِي تجعلُ القرآنَ ظَنِّيَّ الدَّلالَةِ، وتجعلُ عِلْمَ المنطقِ قَطعِيَّ الدَّلالةِ، وفِي الحقيقةِ قواعِدُ المنطقِ ظَنِّيَّاتٌ، وأكثرُها جَهلِيَّاتٌ وباطِلٌ، خِلافَ القرآنِ، فإنَّهُ:﴿لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ﴾ [فصلت: 42]،﴿الٓرۚ كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود: 1] هذا هو عيْنُ القطعِ واليقينِ؛ لأنَّهُ كلامٌ مِن حَكِيمٍ حَمِيدٍ سبحانه وتعالى أمَّا قواعدُ المَنطقِ، فهيَ مِن عَملِ البَشرِ: مُقَدِّماتٌ، ونتائِجُ، وجَوْهَرُ، وعَرَضٌ، وجِسْمُ، وما أشْبَهَ ذلك! وكُلُّها ظَنِّيَّاتٌ وجَهلِيَّاتٌ، جاؤوا بها، وجَعلُوها المَرجِعَ الَّذِي يُرْجَعُ إليهِ فِي التَّوحِيدِ، فَضَلُّوا وأضَلُّوا بهذهِ الطَّريقَةِ الخبيثةِ؛ حيثُ أَحلُّوا المَنطِقَ وعِلْمَ الكلامِ مَحلَّ القرآنِ والسُّنَّةِ، وكانَ الواجِب العَكْس، الاعتِمَاد عَلَى
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد