وأَقَرُّوا عَلَى نُفوسِهِم
بما قالُوهُ مُتمَثِّلِينَ به أو مُنشِئِينَ لهُ فيما صَنَّفُوهُ مِن كُتُبِهم؛
كقولِ بَعضِ رُؤَسائِهِم: ([1])
نِهايَةُ إِقْدَامِ العُقُولِ
عِقَالُ |
|
وَأَكْثَرُ سَعْيِ العَالَمِينَ
ضَلاَلُ |
وَأَرْواحُنَا فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِنا |
|
وَغَايَةُ دُنْيَانَا أَذًى
وَوَبَالُ |
وَلَمْ نَسْتَفِدْ مِنْ بَحْثِنَا
طُولَ عُمْرِنَا |
|
سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ قيلَ
وَقَالُوا |
****
بَعضُهم صَرَّحَ بالحَيْرَةِ والاضطرابِ، وهذه شَهادةٌ عليهِم، والقائِلُ مِن رُؤَسائِهِم، وهو أَبُو بكرٍ الرَّازِي، صاحِبُ التَّفْسِيرِ؛ حيثُ رجعَ فِي آخِرِ أيَّامِه، وتابَ إِلَى اللهِ سبحانه وتعالى، كما يَذكُرُ فِي هذهِ الأبياتِ، أنَّ العقولَ وَقفَتْ، وأُوثِقَتْ عن الوُصولِ إِلَى الحَقِّ، وأصبحَ أهلُها مُتوحِّشِينَ؛ لأنَّهُم سارُوا فِي طريقٍ مُظلِمٍ، وتَعِبُوا مِن طُولِ البَحثِ الَّذِي لم يُؤَدِّ إِلَى نَتِيجَةٍ. تَجِدْ كُتُبَ عقائِدِ عُلماءِ الكَلامِ مِنْ هذا النَّوعِ: قالَ فلانٌ، وقالَ فُلانٌ، بَينَهُم اختلافٌ مُستمِرٌّ، وليسَ فِي كُتُبِهم آيَةٌ أو حَدِيثٌ، إِنَّما هي جَدلِيَّاتٌ. أمَّا عقائِدُ أهْلِ السُّنَّةِ، فهِيَ مَبنِيَّةٌ عَلَى قالَ اللهُ، قالَ رَسولُه، قالَ السَّلَفُ الصَّالِحُ.
([1])هو المتكلم محمد بن عمر بن الحسين بن علي القرشي التيمي البكري أبو عبد الله المعروف بالفخر الرازي، ولد سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، وتوفِي سنة ست وستمائة.
انظر: وفيات الأعيان (4/ 250)، والوافِي بالوفيات (4/ 175)، وسير أعلام النبلاء (21/ 500، 501)، والبداية والنهاية (13/ 55)، ومجموع الفتاوى (4/ 73). واجتماع الجيوش الإسلامية (ص: 195)، ودرء التعارض (1/ 160) ومنهاج السنة النبوية (5/ 271).
الصفحة 1 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد