فإذا استقاموا على التَّوحيدِ، نَهَيتُم عنِ الرِّبا وعنِ الزِّنا وعنِ
الذُّنوبِ، أمَّا قبلَ أنْ تُؤسِّسَ، فلا فائدةَ منْ عَمَلِك، لو تركوا الرِّبا،
وتركوا الزِّنا، وتركوا السَّرقةَ، وبَقَوْا على شِركٍ، فلا فائدةَ مِن عَمَلِهم،
فهو هباءٌ منثورٌ، فالأساسُ والأصْلُ هو التَّوحيدُ والعقيدةُ السَّليمةُ،
والدُّعاةُ يَجبُ أن يَهتمُّوا أوَّلَ شيءٍ بالعَقيدةِ، ولا يُقالُ: إنَّه لا
يُدْعَى إلى العقيدةِ إلا الكفَّارُ، مِثْلُ ما يقولُه بعضُ الجُهَّالِ، وأمَّا
المسلمون فهم مُسلمون، ليسوا بحاجةٍ للدَّعوةِ إلى العقيدةِ، وهذه مُغالطَةٌ، فالمُسلمون
يكونُ عندَ بعضِهم خللٌ وجهْلٌ في العقيدةِ، وهم يَتَسَمَّوْنَ بالإسلامِ، فنَبدأُ
بالمسلمين أوَّلاً، ونُصحِّحُ عقيدَتَهم وأساسَهم ثمَّ بعدَ ذلكَ نَتَّجِهُ إلى
غيرِهم، يبدأُ بالأقْربِ فالأقْربِ﴿وَأَنذِرۡ
عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214]، ونُبيِّنُ لهم الضَّلالَ ليَجتَنِبُوه،
ثمَّ المسلمُ على خَطرٍ أن يَقعَ في الشِّركِ ويَضلَّ، فإبراهيمُ الخَليلُ دعَا
ربَّه أن يُجَنِّبَه عبادةَ الأصنامِ، ولم يَترُكْ نَفْسَه، بل خافَ على نَفْسِه.
فالمسلمون بحاجةٍ للدَّعوةِ إلى العقيدةِ؛ لأنَّ عندَ بَعضِهم جَهْلاً، ويحتاجون إلى التَّعليمِ، وعندَهم شبهاتٍ، ويحتاجُون إلى بيانِ هذه الشُّبهاتِ، وعندَهم دعاةَ سُوءٍ، ويحتاجُون إلى أن يُقاوِمُوا، ويُقْمِعُوا حتَّى تكونَ الدَّعوةُ قد بدأَتِ ابتِداءً سليمًا وصحيحًا، فليستِ الدَّعوةُ إلى التَّوحيدِ خاصَّةً بالكفَّارِ، بل المُسلمون بحاجَةٍ إلى العقيدةِ، وتعليمِ العَقيدةِ، وأكثَرُ المسلمين لا يَعرِفُ العقيدةَ، وهو على فِطْرَةٍ ودِينٍ، لكن لو تَسأَلُه عنِ العقيدةِ، لا يَعرفُ؛ لأنَّه جاهِلٌ بها، والجاهِلُ يُعَلَّمُ، أمَّا
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد