×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

غيرِ أهْلِ السُّنَّةِ، أو إلى طائفةٍ منَ النَّاسِ، أو إلى مَذهبٍ، فهذا لا يدعو إلى اللهِ، وإنَّما يدعو إلى غيرِ اللهِ، فليس كلُّ مَن دَعا يكونُ داعِيًا إلى اللهِ إلاَّ إذا أْخْلصَ نِيَّتَه للهِ عز وجل، وصار قَصدُه تَعريفَ النَّاسِ باللهِ، ورَدَّهم إلى اللهِ، وتَبصيرَ النَّاسِ بالحقِّ، وتَنفيرَهم منَ الضَّلالِ والشِّركِ والبِدعِ، هذا هو الَّذي يدعو إلى اللهِ حقيقةً، ما أكثرَ الدُّعاةَ! ولكن الَّذي يدعو إلى اللهِ قليلٌ، وإنَّما يدعُون إلى أشياءَ، أو إلى أغراضٍ اللهُ أعلمُ بها، فيُشترَطُ في الدَّاعيةِ شَرطانِ:

الشَّرطُ الأوَّلُ: أنْ يُخْلِصَ نيَّتَه في الدَّعوةِ إلى اللهِ عز وجل.

الشَّرطُ الثَّاني: أنْ يكونَ على بصيرةٍ وعلمٍ، فالجاهِلُ لا يَصلُحُ للدَّعوةِ؛ لأنَّه يُفسِدُ أكثَرَ ممَّا يُصلِحُ، ربَّما يُحِلُّ حرامًا، ويُحرِّمُ حَلالاً، ربَّما يُفتِي بجَهْلٍ، ربَّما يُجيبُ بخَطأٍ إذا سُئِلَ؛ لأنَّ الدَّاعي يتعرَّضُ لمُشكلاتٍ، ويَتعرَّضُ لاعتراضاتٍ، ويتعرَّضُ إلى أناسٍ يُلَبِّسُون على النَّاسِ، فلابدَّ أن يكونَ عنده عِلمٌ يُبدِّدُ شُبهاتِهم، ويُفنِّدُ ضَلالاتِهم، فالَّذي ليس عندَه عِلمٌ لا يستطيعُ أنْ يُقاوِمَ شُبهاتِ المُدلِّسينَ والمُلبِّسين، لا يستطيعُ ذلك إلا مَن عندَه عِلمٌ وبصيرةٌ.

ثمَّ قال:﴿أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ[يوسف: 108] الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم يدعو إلى اللهِ، ومَن اتَّبَعه مِن أمَّتِه يدعو إلى اللهِ على بصيرةٍ، يدعو إلى اللهِ، لا إلى غيرِ اللهِ، وعلى بصيرةٍ، لا على جهْلٍ، هؤلاءِ هم أتْباعُ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، فلا يكونُ منَ الدُّعاةِ تابِعًا للرَّسولِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ مَن اتَّصَفَ بهذه الصِّفاتِ، فمَن فقَدَها أو شيئًا منها، لم يكن على طريقةِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم.


الشرح