×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

وقَدْ قِيلَ أنَّ الجَعْد أخَذَ مقَالَتَه عنْ أبَانِ بن سَمْعَانَ، وأخَذَها أبَانُ عَنْ طَالُوتِ بن أخْتِ لبيدِ بنِ الأعْصَمِ، وأخَذَهَا طَالُوتُ من لبيدِ بنِ الأعْصَمِ اليَهُودِيِّ السَّاحِرِ الَّذي سَحَر النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ([1]). وكَانَ الجَعْدُ هَذَا فِيمَا قِيلَ مِنْ أهْلِ حرَّانَ.

****

والجَهْمُ بنُ صَفْوَانَ أخَذَ هَذَا المَذْهَبَ عَنِ الجَعْدِ، ونَسَبَتْ إِلَيْه الجَهْمِيَّة، فالجَعْدُ أصْلُ المَذْهَبِ، لكِنْ نُسِبَ إلَى الجَهْمِ؛ لأنَّهُ هُو الَّذي أظْهَر هَذِهِ المَقَالَة الخَبِيثَة، فنُسِبَتْ إلَيْهِ.

هَذَا سَنَدُ الجَهمِيَّة، إمَامُهُم الجَهْم بنُ صَفْوَانَ أخَذَ عنِ الجَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ، عَنْ أبَانِ بنِ سَمْعَانَ، عنْ طَالُوتَ، عَنْ لبيدِ بنِ الأعْصَمِ اليَهودِيِّ، الَّذي سَحَرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم. يا لَهُ منْ سَنَدٍ قَبِيحٍ!

فهُوَ أخَذَ هَذِهِ المقَالَة عَنِ اليَهُودِ، وأيْضًا أخَذَهَا عَنْ جَمَاعَةِ النَّمْرُودِ في أرْضِ حرَّانَ، وهُمُ الصَّابِئَةُ الَّذِينَ يعْبُدُونَ الكَوَاكِبَ، فهُوَ أخَذَهَا عَنِ اليَهُودِ والصَّابِئَة. وهذَا مَعْنَى قوْلِ الشَّيخ فِيمَا سَبَق عنْ قَوْل جَهْم: إنَّما هُو مَأخُوذٌ عنْ تَلامِذَةِ اليَهُودِ والمُشْرِكِينَ وضُلاَّل الصَّابِئَةِ.


الشرح

([1])ذكر هذه السلسلة - سلسلة التعطيل -: ابن كثير في « البداية والنهاية » (10/ 19)، والصفدي في « الوافي بالوفيات » (11/ 68)، والسبكي في « طبقات الشافعية الكبرى » (9/ 72).