×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

وعُلِمَ أنَّ الضَّلالَ والتَّهوُّكَ إِنَّما استولَى عَلَى كثيرٍ مِنَ المُتأخِّرينَ بِنَبْذِهم كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهورِهم، وإعراضِهم عمَّا بعثَ اللهُ به مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم مِنَ البَيِّناتِ والهُدَى، وتَرْكِهِم البحثَ عَن طريقِ السَّابِقينَ والتَّابِعينَ، والتِماسِهِم عِلْمَ معرفةِ اللهِ مِمَّن لم يَعرِفِ اللهَ بإقرارهِ عَلَى نَفْسِهِ، ولشهادَةِ الأُمَّةِ عَلَى ذلكَ، وَبِدَلالاتٍ كثيرةٍ، وليسَ غرَضِي واحدًا مُعيَّنًا، وإِنَّما أَصِفُ نَوْعَ هؤلاءِ، ونَوْعَ هؤلاءِ.

****

يَهتمُّونَ بها، ويَحفظُونَها؛ لِمَا فيها مِنَ القواعدِ الواضِحَةِ الَّتِي يَنتفِعُ بها طالِبُ العِلْمِ، ويُميِّزُ بينَ عِلْمِ السَّلَفِ وعِلْمِ الخَلَفِ. إنَّ طريقَ الهُدَى هو ما كانَ عليهِ سَلفُ هذه الأُمَّةِ، وإنَّ طريقَ الضَّلالِ هو ما كانَ عليهِ غالِبُ الخَلَفِ.

السَّببُ الَّذِي أَوْقَعَ المُتأخِّرينَ فِي الضَّلالِ أَنَّهُم نَبذُوا كتابَ اللهِ، فلا يَستدِلُّونَ به، وإِنَّما يَستدِلُّونَ بِقواعِدِ المَنطِقِ وعِلْم الكلامِ، وغيرِ ذلك مِن الاصطلاحاتِ الَّتِي اصطَلَحُوها: كالجِسْمِ، والجَوْهَرِ، والعَرَضِ والتَّركيبِ، وغيرِ ذلك من قواعدِهِم الَّتِي يُطَنطِنُونَ بها، هذا دَيْدَنُهم، أمَّا مَن أخذَ عقيدتَهُ مِن الكتابِ والسُّنَّةِ وعن مذهب السَّلَفِ، فهذا هو الَّذِي يَسيرُ عَلَى الطَّريقِ الصَّحِيحِ.

يقولُ أنا لا أقصِدُ واحِدًا مُعيَّنًا، وإِنَّما أَقصِدُ المَجمُوعَ، وهكذا طالِبُ العِلْم حينما يَرُدُّ عَلَى الخُصومِ لا يَذكُرُ أسماءَ مُعيَّنِينَ، وإِنَّما يَذكُرُ المَذهبَ والخَطأَ، ويَرُدُّ عليهِ: مَن قال كذا وكذا، الَّذِي قالَ كذا وكذا، ولا يَقولُ: فلانٌ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ما كانَ يُعَيِّنُ حينما يَنتقِدُ،


الشرح