×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

وأمَّا الصِّنْف الثَّالِث: وهُمْ أهْلُ التَّجهِيلِ:

****

 تقَدَّمَ أنَّ المُخالِفِينَ لمَنْهَج السلَف فِي باب الأَسمَاء والصِّفَات ثَلاثُ طَوَائِف:

الطَّائِفةُ الأُولَى: أهْلُ التَّخْيِيل.

الطَّائِفةُ الثَّانِيةُ: أهْلُ التَّأْوِيل.

الطَّائِفةُ الثَّالِثةُ: أهْلُ التَّجهِيل.

وبيَّنَ الشَّيْخ رحمه الله مَا يَنْدَرِج تَحْتَ كلِّ طَائِفَة مِن هَذِهِ الطَّوائِفِ.

فطَائِفَة التَّجهِيلِ: هُم الَّذِينَ يُجهِّلُونَ السلَف والعلَمَاء، بلْ والرُّسل، ويقُولُونَ: إنَّهم لاَ يعرِفُون مَعنَى الأَسمَاء والصِّفَات، وإنَّمَا يُرَدِّدُون ألفْاظَهَا، ولاَ يعرِفُون مَعنَاهَا، وأمَّا مَعنَاهَا فيُفَوِّضُونَه إِلىَ الله، ويَظُنُّونَ أنَّ مَذهَب السلَف هُوَ التَّفوِيضُ؛ ولهَذَا يقُولُونَ اللهُ أعلَم بمُرَادِه، وَهَذَا خَطَأ فَاحِشٌ؛ لأنَّ مَعنَاهُ أنَّ اللهَ أنزَلَ علَيْنا نُصُوصًا لاَ نعرِفهَا، وَهَذَا يخَالِفُ قوْلَه تَعالَى:﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ [ص: 29] اللهُ أمَرَنا أنْ نتَدَبر آيَاتِ القُرْآن، وأعظَمُها آيَات الأَسمَاء والصِّفَات، أعظَم مِن آيَاتِ الأحْكام، أمَرَنَا اللهُ بتَدَبرِهَا، ولَو كانَ مَعنَاهَا لاَ يُفْهَمُ، فَمَا فَائِدَة التَّدبر؟ نتَدبر شَيئًا لاَ نفْهَمُه، يُكلِّفُنا اللهُ بالمُحَال، وقَالَ اللهُ سبحانه وتعالى:﴿أَفَلَمۡ يَدَّبَّرُواْ ٱلۡقَوۡلَ [المؤمنون: 68] يَعنِي: القُرْآنَ، هَذَا إنْكار مِنَ الله علَى الَّذِينَ لاَ يتَدبرونَ القُرآنَ، لمَاذَا يتَدبرونَ القُرآنَ وَهُوَ مَا يُفْهَم؟! بل قَالَ اللهُ سبحانه وتعالى:﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ [محمد: 24]﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا [النساء: 82] قَالَ:﴿ٱلۡقُرۡءَانَ ، ولَم يَستَثْنِ شَيئًا مِنَ القُرآنِ لاَ يُتَدَبر،


الشرح