×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

فهَذَا مِنَ التَّأوِيلِ الَّذِي لاَ يعلَمُه إلاَّ اللهُ، وإنْ كنَّا نَفْهَم مَعانِي مَا خُوطِبنَا بهِ، ونَفْهَمُ مِنَ الكلاَمِ مَا قُصِدَ إفْهَامُنا إيَّاه؛ كمَا قَالَ تَعالَى:﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ[محمد: 24]، وقَالَ تَعالَى:﴿أَفَلَمۡ يَدَّبَّرُواْ ٱلۡقَوۡلَ[المؤمنون: 68]، فأمَرَ بتَدَبر القُرْآنِ كلِّه لاَ بتَدبرِ بعضِه.

وقَالَ أبو عبد الرَّحمَنِ السلمِيُّ: «حدَّثنَا الَّذِينَ كانُوا يُقْرِءُونَنَا القُرْآنَ: عثْمانُ بنُ عفَّانَ، وعبدُ اللهِ بنُ مَسعود، وغَيرُهُما أنَّهُم كانُوا إذَا تعلَّمُوا مِنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عشْرَ آيَاتٍ لَم يتَجاوَزُوهَا حَتَّى يتَعلَّمُوا مَا فِيهَا مِنَ العلْم والعمَلِ. قَالُوا: فتَعلَّمْنَا القُرآنَ والعلْمَ والعمَل جمِيعا».

وقَالَ مُجاهِد: «عرَضْتُ المُصْحَف علَى ابنِ عباس رضي الله عنهما مِن فَاتِحَتِه إِلىَ خَاتِمَتِه، أقِفُ عنْد كلِّ آيَةٍ أسألُه عنْهَا».

وقَالَ الشَّعبيُّ: «مَا ابتَدَع أحَدٌ بدْعةً إلاَّ وفِي كتَاب اللهِ بيَانُها».

وقَالَ مَسرُوقٌ: «مَا قَالَ أصْحَاب مُحمَّد صلى الله عليه وسلم عنْ شَيْء إلاَّ وعلْمُه فِي القُرْآنِ، ولَكنَّ علْمَنَا قَصُرَ عنْه».

وهَذَا باب وَاسع قَدْ بسطَ فِي مَوْضِعه.

والمَقْصُودُ هُنا التَّنْبيهُ علَى أصُولِ المَقَالاَت الفَاسدَة الَّتِي أوْجبت الضَّلاَلَ فِي باب العلْم والإِيمَانِ بمَا جاءَ بهِ الرسول صلى الله عليه وسلم.

****

مقْصُودُ الشَّيخِ ممَّا ذَكر فِي هَذِهِ الفَتْوَى بيَانُ مقَالاَتِ أهْلِ التَّأوِيلِ وأهْلِ التَّجهِيلِ، أنَّها مقَالاَتٌ فَاسدَة باطِلَة، هَذَا هُوَ غَرَضُ الشَّيْخ رحمه الله.

مقَالاَتُ هَؤلاَءِ وقَوَاعدُهم الَّتِي قَعدُوهَا، وأمَرُوا بالرُّجوع إلَيْها هِيَ الَّتِي أفْسدَت العقُولَ، وأفْسدَت الإِيمَانَ، وعطَّلَت العلْم؛ لأنَّ العلْم


الشرح