فإنَّ
أوَّل مَنْ حُفِظَ عَنْه أنَّه قَالَ هَذِهِ المقَالَة في الإسْلاَم هُو الجَعْدُ
بنُ دِرْهَمٍ ([1])،
وأخَذَهَا عَنْه الجَهْمُ بنُ صَفْوَانَ ([2])؛
وأظْهَرَهَا فنُسِبَتْ مقَالَةُ الجَهمِيَّة إلَيْه.
****
مَذْهَبَهُم؟ أخَذُوه مِنَ اليَهُود والمُشْرِكِينَ وضُلاَّل
الصَّابِئِينَ، فهُمْ أخَذُوه مِنْ هَذِهِ الأمَمِ الكَافِرَةِ.
الجَعْدُ بن دِرْهَم: في آخر الدَّولَة الأمَوِيَّة، قَتلَهُ الأمِيرُ
خَالِدُ بنُ عبدِ اللهِ القَسْرِيُّ يَوْمَ عِيدِ الأَضْحَى، لمَّا خطَبَ خُطبَة
العِيدِ رحمه الله قَالَ: «أَيُّها النَّاس، ضَحُّوا تَقبَّل اللهُ ضَحايَاكُمْ،
فإنِّي مُضحٍّ بالجَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ، إنَّه زَعَم أنَّ اللهَ لم يتَّخِذْ
إبرَاهِيمَ خَلِيلاً ولَمْ يكَلِّم مُوسَى تَكلِيمًا»، فنَزَلَ عنِ المِنْبَرِ
وذَبَحَهُ. وهكَذَا كَانَ أمرَاءُ الإسْلاَم يقْتُلُونَ الزَّنادِقَة
والمَلاحِدَة، كفًّا لشَرِّهِمْ وابنُ القَيِّم نَظَم هَذَا في قَوْلِه: ([3])
مِنْ أَجْلِ
ذَا ضَحَّى بجَعْدٍ خَالِدُ ال |
|
قَسْرِيُّ
يَوْمَ ذَبَائِح القُرْبَانِ |
إذْ قَالَ
إبْرَاهِيمُ لَيْسَ خَلِيلُه |
|
كَلاَّ ولاَ
مُوسَى الكَلِيمُ الدَّانِي |
شَكَرَ
الضَّحِيَّة كلُّ صَاحِبِ سُنَّة |
|
للهِ دَرُّكَ
مِن أخِي قُرْبَانِ |
([1])هو مؤسس مذهب التعطيل، قتله خالد القسري يوم الأضحى سنة أربع وعشرين ومائة. انظر: « سير أعلام النبلاء » (5/ 433)، و« البداية والنهاية » (9/ 350).
([2])الجهم بن صفوان أبو محرز الراسبي، مولاهم السمرقندي، الضال المبتدع رأس الجهمية هلك في زمان صغار التابعين، وقد زرع شرًّا عظيمًا، رأس في التعطيل، قتله سلم بن أحوز سنة ثمان وعشرين ومائة، انظر: « الملل والنحل » للشهرستاني (1/ 86)، و« الفَرْقُ بين الفِرَق » (ص 199)، و« ميزان الاعتدال » للذهبي (2/ 159). و« شرح الطحاوية » لابن أبي العز (ص 590).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد