البُنيانُ فاسِدًا، سَقَطَ
البُنيانُ، فكيفَ لا يهتَمُّ الرَّسولُ بأساسِ الدِّينِ الَّذي هو العَقيدةُ
ويُبَيِّنُها ويُوَضِّحُها للنَّاسِ؟! حتَّى يأتي مَن يأتي، ويَضَعُ للنَّاسِ
عقائِدَ مِن عندِه أو مِن عندِ غيرِه، يَسْتَحْسِنُها، ويقولُ: هذه خيرٌ، وزيادةُ
خيرٍ، ويُزيِّنُها للنَّاسِ. هذا هو عَينُ الضَّلالِ، والمُحادَّةُ للهِ ولرَسولِه.
لو أنَّ الإنسان يَجتَهِدُ بالعباداتِ: يصومُ النَّهارَ، ويقومُ اللَّيلَ، ويُنفِقُ الأموالَ. ويَجتَهِدُ، لكن ليسَ عندَه عقيدةٌ صحيحةٌ، فأعمالُه هباءٌ منثورٌ لا قِيمةَ لها مَهْما أتعَبَ نَفْسَه فيها، فلابدَّ أنْ يَبْنِيَ عَمَلَه وعِبادَتَه على أساسٍ صحيحٍ وعقيدةٍ سليمةٍ؛ حتَّى يكونَ عمَلُه مَقْبولاً﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا﴾ [النساء: 40] فالعَملُ القليلُ الخالِصُ للهِ عز وجل، السَّالِمُ منَ البِدعةِ، ولو كانَ قَليلاً يُبارِكُ اللهُ فيه، ويَنفَعُ به صاحِبَه، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» ([1])، فالعَملُ الصَّالحُ ولو كان قليلاً فيه خَيرٌ، أمَّا العملُ غيرُ الصَّالحِ، فهذا وإنْ كانَ كثيرًا، فهو لا خيرَ فيه، ومَعدومُ الفائِدةِ، فليسَتِ العِبرةُ بالاجتِهادِ وكَثرةِ العباداتِ، بلِ العِبرةُ بالصَّحيحِ والاتِّباعِ والاقتِداءِ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فأساسُه الدِّينِ وأصْلُ الهِدايةِ أنْ تَبدأَ بتَعْليمِ العَقيدةِ، وأوَّلُ ما تدعوا إليه النَّاسَ العَقيدةُ، هذا دِينُ الأنبِياءِ عليهمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فإذا لم تكنِ العَقيدةُ صحيحةً، فلا تُتْعِبْ نَفْسَك، لا تَدعُ النَّاسَ إلى تَرْكِ الرِّبا وتَرْكِ الزِّنا، وهم عندَهمُ الشِّركُ، ادْعُ النَّاسَ إلى تَرْكِ الشِّركِ أوَّلاً! فالشِّركُ أعظَمُ ذَنبٍ عُصيَ اللهُ به،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد