×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

 فقَالَ: «ستَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُْمَّةُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً» قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «مَنْ كَانَ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي» أَوْ «مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» ([1])، فالَّذِينَ بقُوا عَلَى الحقِّ همْ النَّاجُون، أمَّا الَّذِينَ خَرجُوا عنِ الحَقِّ، فهُمْ في النَّار، منْهُم مَن يَكُونُ في النَّار لكُفْرِه، ومِنْهُم مَنْ يَكُونُ في النَّار لضَلاَلِهِ وفِسْقِه، فلَيْسُوا عَلَى حدٍّ سَوَاء، والَّذِي يَدخُل النَّار لفِسْقِه فقَطْ هَذَا يُعذَّب فِيهَا، ثمَّ يُخْرَج مِنْهَا، فهُو مِن فَسَقَةِ المُؤْمِنِينَ وعُصَاةِ المُؤْمِنِينَ، فقَوْلُه: «كُلُّهَا فِي النَّارِ» هَذَا مِن بَابِ الوَعِيدِ، لَيْسَ معْنَاه أنَّ كلَّ مُخالِف كَافِر، وَهُو في النَّار مخَلَّد فِيهَا، هَذَا مِن أحَادِيثِ الوَعِيدِ، وهُم يتَفَاوَتُون في دخُولِهم النَّار، مِنْهُم مَنْ يَدخُلَها مخَلَّدًا فِيهَا، ومِنْهُم مَنْ يَدخُلُها مؤَقَّتًا، وهُمْ عُصَاةُ المُؤْمِنِينَ.

فالحَاصِلُ أنَّ كلَّ من خَالَف مَا كَانَ علَيْه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابُه، فهُوَ منَ الفِرَقِ المُخَالِفَة لأهْلِ الحَقِّ، وَهُو متوَعَّد بالنَّار، ولا يَبْقَى عَلَى الحَقِّ، ويكُونُ مِن أهْلِ النَّجَاةِ من النَّار إلاَّ مَنْ بَقِي عَلَى طَرِيقَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، هَذَا ممَّا أخْبرَنَا بِه صلى الله عليه وسلم إخْبَارًا، معْنَاه: التَّحذِير من مُخَالَفَة مَا جَاءَ بِهِ، والتَّحذِيرُ من الافْتِرَاقِ، والحثُّ عَلَى الاجْتِمَاع عَلَى الحَقِّ ولزُومِ طَرِيقَةِ الرَّسُولِ وأصْحَابه، هَذَا الَّذي أخْبَرَنا عَنْه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وهَذَا مَعْنَاه: الحث على لزوم ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه،


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4596)، والترمذي رقم (2640)، وابن ماجه رقم (3992)، وأحمد رقم (12479)، والحاكم رقم (444) واللفظ له.