وهَذَا الكَلاَمُ قَد
رَأيْتُه صَرَّح بمَعْنَاه طَائِفَة مِنهُم.
****
ويقُولُ هَؤُلاَءِ العَقْلانيُّونَ: مَا أعجَزَكُم تفْسِيرُه -ولَوْ
بالوَجْه البَعِيدِ والغَرِيبِ-، فتَوقَّفُوا فِيهِ، لَكِن اعْتَقِدُوا أنَّ
ظَاهِرَه غَيْر مُرَادِهِ، وإنَّمَا المَقْصُود مِنْه لاَ يَعْلَمُه إلاَّ اللهُ.
هَذِهِ طَرِيقَةُ المُفَوِّضةِ، ومَعْنَاه: أنَّ اللهَ أنْزَلَ عَلَيْنا أحَاجِي
وألْغَازًا لاَ نَعلَمُها! واللهُ أنْزَلَ الكِتَاب هُدًى للنَّاسِ، مَا أنْزَلَهُ
للأحَاجِي والألْغَازِ، نَعَمْ قَدْ يَخْفَى عَلَى بَعْضِ النَّاسِ مَعْنَى
النُّصُوصِ، لَكِن هَؤُلاَءِ يَرْجِعُونَ إلى أهْلِ العِلْم والبَصِيرَةِ،
وأعْلَمُ النَّاسِ بالقُرْآنِ والسُّنَّة بَعْدَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم
هُمُ الصَّحَابَة والتَّابِعُونَ والقُرُونُ المُفضَّلَة، فيُرْجَع إلى كَلامِهِمْ
وتَفْسِيرِهِمْ.
هذَا هُو طَريقُ الصَّوَاب، طَرِيقُ الحقِّ:﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ
ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم
بِإِحۡسَٰنٖ﴾[التوبة: 100] اتَّبعُوهُم بالقَوْلِ والعَمَلِ والأخْلاَقِ
والسَّمْتِ﴿رَّضِيَ ٱللَّهُ
عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ﴾[التوبة: 100]، حَازُوا عَلَى رِضَا اللهِ سبحانه وتعالى،
هَذَا هُوَ المَقْصُودُ.
يقُولُ الشَّيخُ: الَّذِينَ يقُولُونَ: إنَّ القُرآنَ لا يدلُّ عَلَى
الحقِّ صرَّحَ بِه طَائفِةٌ مِنْهُم، حتَّى إنَّ وَاحِدًا منْ أكَابِرِهم يقُولُ:
كتَابُ التَّوحِيدِ لابنِ خُزَيمَة مَا جَاءَ بالتَّوحِيدِ، إنَّما جَاءَ
بالشِّرْك ([1]).
لمَاذَا جَاءَ بالشِّركِ عِنْدَه؟ لأنَّه يُثبِتُ الأسْمَاءَ والصِّفَاتِ لله، وهَذِهِ مَوجُودَة في الخَلْقِ، فإِثْباتُها شِرْكٌ بزَعْمِهم. أو يقُولُونَ: إنَّ إثْبَاتَ الأسْمَاءِ والصِّفَاتِ يقْتَضِي أنَّها مشَارَكَة للهِ سبحانه وتعالى في القِدَمِ والأوَّلِيَّة والأزَلِيَّة، فيَلْزَمُ تَعدُّد القُدَمَاء، فيَكُونُ هَذَا فِيهِ شِرْك عِنْدَهُم.
([1])هو الرَّازي في « تفسيره » لقوله تعالى: ﴿ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ ﴾ [الشورى: 11].
انظر: « التفسير الكبير » للرازي (27/ 130).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد