ثُمَّ كثِير مِن هَؤلاَءِ
يقُولُونَ: تجرِي علَى ظَاهِرِهَا،
فظَاهِرُها مُرَاد مَع قَوْلِهم: إنَّ لَهَا تَأوِيلاَت بهَذَا
المَعنَى لاَ يعلَمُه إلاَّ اللهُ. وَهَذَا تنَاقُض وَقَع فِيهِ كثِير مِنْ
هَؤلاَءِ المُنْتَسبينَ إِلىَ السنَّة مِنْ أصْحَاب الأَئِمَّة الأرْبعة وغَيرِهم.
والمَعنَى الثَّانِي: أنَّ التَّأوِيلَ هُوَ تَفْسير الكلاَمِ، سوَاء
وَافَقَ ظَاهِرُه أَوْ لَمْ يُوَافِقْه، وَهَذَا هُوَ التَّأوِيل فِي اصْطِلاَح
جمْهُور المُفسرِينَ وغَيْرِهِم، وَهَذَا التَّأْوِيلُ يَعلَمُه الرَّاسخُون فِي
العلْم،
****
تَجرِي علَى ظَاهِرِهَا بمَعنَى:
أنَّها تُقْرَأُ وتَمُرُّ كمَا جاءَت، لَكن لاَ تُفَسر.
أي: يَلزَمُ علَى قَولِهِم هَذَا أنَّ ظَاهِرَها مُرَادٌ عنْدَهُم، وَهُوَ
مَا تَدلُّ علَيْه مِنْ أَسمَاء اللهِ وصِفَاتِه.
ثُمَّ يتَنَاقَضُون، فيَقُولُون: ليْست علَى ظَاهِرِهَا، ولَهَا مَعنَى لاَ
يعلَمُه إلاَّ اللهُ، وهَؤلاَءِ قَد ينْتَسب بعضُهُم إِلىَ مذَاهِب الأئِمَّة
الأرْبعة فِي الفُرُوع، ويخَالِفُونَهُم فِي الأصُولِ.
هَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ المَعرُوف عنْد قُدَمَاء المُفسرينَ كابنِ جرِيرٍ
وغَيْرِه.
الَّذِي هُوَ تَفْسير المَعنَى، يَعلَمُه الرَّاسخُونَ فِي العلْم، فيكونُ الوَقْف علَى قَولِه:﴿وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ﴾أي: الثَّابتُونَ فِي العلْم؛ لأنَّ الرُّسوخَ هُوَ الثُّبوتُ، وهُمْ الَّذِينَ ثَبتَتْ أقْدَامُهم فِي العلْم لغَزَارَة علمِهْم وثبوتِهم علَى الحَقِّ، خِلاَف المُتَعالِم، فهَذا لَيْس رَاسخًا فِي العلْم، وإنَّمَا يتَزَعزَع؛ لأنَّه مُبتَدِئ فِي طَلَب العلْم أَوْ يدَّعي أنَّه عالِم وَهُوَ لَيْس مِنَ الرَّاسخِينَ فِي العلْم.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد