فيَكُون
الجَعْد أخَذَهَا عَن الصَّابِئَة الفَلاسِفَة. وكذَلِكَ أبُو نَصْر الفَارَابِي([1]) دَخَلَ
حرَّانَ، وأخَذَ عَن فَلاَسِفَة الصَّابِئينَ تَمَامَ فَلسَفَتِهِ.
وأخَذَهَا الجَهْم أيْضًا - فيمَا ذَكَرَه الإمَامُ أحْمَدُ وغَيْرُه ([2])، لمَّا
نَاظَرَ السمنيَّةَ ([3]) بَعْضَ فَلاسِفَة الهِنْد،
****
الجَعْدُ أخَذَ مقَالَتَه عنْ ثَلاَثِ
فِرَقٍ مِن أهْلِ الضَّلاَلِ: عَن الصَّابِئَة وعَن اليَهُودِ، وعَنِ
الفَلاَسِفَة.
أبُو نَصْر الفَارَابِي هُو المُعلِّمُ الثَّاني للفَلْسَفَةِ، والمُعَلِّم
الأوَّلُ للفَلْسَفَةِ أرِسْطُو اليُونَانِي.
هَذَا مَبْلَغُ عِلْم الفَارَابِي أنَّه ذَهَبَ إلى الصَّابِئَة
المُشْرِكِينَ، وتتَلْمَذَ عَلَيْهِم وأخَذَ الضَّلاَلَ عَنْهُم، ومَعَ هَذَا
يفْتَخِر بِهِ الجُهَّالُ مِنَ المُسْلِمِينَ، كَمَا يفْتَخِرُونَ بابْنِ سِينَا
الإسْمَاعِيليِّ والنصيرِ الطُّوسِيِّ الشِّيعِيِّ، وغَيْرِهِمْ مِنْ أقْطَابِ
الضَّلاَلِ.
هَذِهِ آفَةٌ أيْضًا رَابِعَة، وهِيَ أنَّ الجَهْم أخَذَ عَنِ السُمنيَّة وهُم فَلاَسِفَة الهِنْدِ البَرَاهِمَة.
([1])هو محمد بن محمد بن طرحان بن أوزلغ التُّركي، وُلِدَ حوالي سنة تسع وخمسين ومائتين، وتُوفِّي سنة تسع وثلاثين. انظر: « وفيات الأعيان » (5/ 154)، و« الوافي بالوفيات » (1/ 102)، و« سير أعلام النبلاء » (15/ 418).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد