×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

ولاَ أنَّه لا دَاخِلَ العَالَمِ ولاَ خَارِجَهُ، ولا متَّصلٌ ولا منْفَصِلٌ، ولا أنَّه لا يجُوزُ الإشَارَةُ الحسِّيَّة إلَيْه بالأصْبُع، ونَحْوِهَا. بل قَدْ ثبَتَ في الصَّحِيحِ عن جَابِر بنِ عبْدِ اللهِ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا خَطَبَ خطْبَتَهُ العظِيمَةَ يوْمَ عَرفَات، في أعْظَمِ مجْمَعٍ حَضَرَهُ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، جَعَلَ يقُولُ: «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟»، فيقُولُونَ: نَعَمْ. فيَرْفَع أصْبُعَه إلى السَّمَاء، ويُنَكِّبُهَا إليْهِم، ويقُولُ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ» غَيْرَ مَرَّة ([1])، وأمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ

****

عَلَى بعْضٍ، واللهُ في كلِّ مكَانٍ مِنْهَا، هو في السَّمَاء، وَهُو عَلَى العرْشِ، وَهُو عَلَى البَحْر، وَهُو في الأرْضِ، وَهُو في كلِّ مكَانٍ. تعَالَى اللهُ عمَّا يقُولُونَ. والحقُّ أنَّه فوْقَ العَرْشِ عَالٍ عَلَى الخَلْق، وعلْمُه في كلِّ مَكَانٍ؛ كمَا قَالَ تعَالَى:﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يَعۡلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا يَخۡرُجُ مِنۡهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعۡرُجُ فِيهَاۖ وَهُوَ مَعَكُمۡ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ [الحديد: 4]، وقَالَ سبحانه وتعالى:﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَخۡفَىٰ عَلَيۡهِ شَيۡءٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ [آل عمران: 5].

كمَا تقُولُه المعطِّلَة، الَّذِينَ يقُولُونَ: ليْسَ لَهُ مكَان، لا دَاخِلَ العَالَم ولا خَارِجَه، ولا فوْقَ ولا تَحْتَ، ولا يُمْنَة ولا يُسْرَة.

بل يقُولُ أهْلُ السُّنَّة: إنَّ اللهَ في جِهَةِ العلوِّ بَائِنٌ من خَلْقِه سبحانه وتعالى.

أي لا يجُوزُ رَفْع الإصْبُع إلَيْه إشَارَةً إلى علُوِّه عَلَى خَلْقِه، كمَا تقُولُه نُفَاةُ الصِّفَاتِ، بلْ أشَارَ إلَيْه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في خُطْبَة،


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1741)، ومسلم رقم (1218).