×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

فإنْ كَانَ الحقُّ فِيمَا يقُولُه هَؤُلاَءِ السَّالِبُونَ النَّافُونَ للصِّفَاتِ الثَّابتَةِ في كِتَابِ اللهِ وسُنَّة رَسُولِه، من هَذِهِ العِبَارَاتِ ونَحْوِهَا دُونَ مَا يُفْهَم مِنَ الكِتَابِ والسُّنَّة إمَّا نصًّا وإمَّا ظَاهِرًا، فكَيْفَ يجُوزُ عَلَى اللهِ ثمَّ عَلَى رسُولِه صلى الله عليه وسلم، ثمَّ عَلَى خيْرِ الأمَّة أنَّهم يتكَلَّمونَ دَائمًا بمَا هُو نصٌّ أو ظَاهرٌ في خِلافِ الحَقِّ الَّذي يجِبُ اعتِقَادُه، ولا يَبُوحُونَ به قَطُّ،

****

 خصُوصًا خُطبَة حَجَّة الوَدَاعِ، رَفَعَ أصْبُعَه إلى السَّمَاء وقَالَ: «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟» قالُوا: نَعَمْ، نشْهَد أنَّك قد بلَّغْت، فرَفَعَ إصْبُعَه الكَرِيمَة إلى السَّمَاء، وقَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ»، هَذِهِ إشَارةٌ إلى اللهِ أنَّه في العُلوِّ، مَا أشَارَ إلى يَمِينٍ أو إلى شِمَالٍ أو إلى تَحْتٍ، والجَهْميَّة وأتْبَاعُهم يقُولُونَ: لا تَجُوزُ الإشَارَةُ إلى اللهِ؛ لأنَّه عِنْدَهُم ليْسَ في جِهَة، والرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم فعَلَ شَيْئًا لا يجُوزُ عِنْد الجَهمِيَّة وأتْبَاعِهِم، وقَدْ أشَارَ أشرَفُ الخَلْقِ في أعظَمِ مَجْمعٍ، وَهُو مجْمَعُ المسْلِمِينَ في عَرَفةَ، في أشرَفِ يَوْمٍ، وأشْرَفِ مكَانٍ، أشَارَ إلى اللهِ في العلُوِّ بأصْبُعهِ الكَرِيمَةِ صلى الله عليه وسلم.

«وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ» أي: أمْثَالُ هَذِهِ الوَاقِعَة الَّتي أشَارَ فِيهَا صلى الله عليه وسلم إلى ربِّه في السَّمَاءِ كثِيرٌ، لا يُمكِنُ حصْرُه، ولا يصِحُّ إنْكَارُه، ولا يُمكِنُ جَحْدُه.

يقُولُ رحمه الله: إذَا كَانَ الحقُّ في الأسْمَاءِ والصِّفَاتِ مَا يقُولُه المتَأخِّرُون من أنَّها لا يجُوزُ نِسبَتُها إلى اللهِ، ولا يُوصَفُ اللهُ بِهَا، ولا يُسمَّى بها، فإنَّ معْنَى هَذَا: أنَّ الكِتَاب والسُّنَّة ما جَاءَا لهِدَايَةِ


الشرح