حيثُ يقول: ([1])
لَعَمْرِي لقَدْ طُفْتُ المَعاهِدَ
كُلَّها |
|
وَسَيَّرْتُ طَرْفِي بَيْنَ تِلكَ
المَعالِمِ |
فلَمْ أَرَ إِلاَّ واضِعًا كَفَّ
حَائِرٍ |
|
عَلَى ذَقَنٍ أو قارِعًا سِنَّ
نَادِمِ |
****
يقولُ أحدُ أكابرهم: أنَّهُ لم يَحصُلْ مِن دِراسَتِهِ طُولَ عُمرِهِ شيئًا يُعتَمَدُ عليهِ، وإِنَّما مَحصُولُ الكلامِ فِي الجَوهَرِ...، والعَرَضِ...، والجِسْمِ...، وما أشْبهَ ذلك من المقالاتِ المُحيِّرَةِ الَّتِي لا تُؤدِّي إِلَى حقيقةٍ، فهذا القائِلُ ذهبَ لِكُلِّ عُلَمائِهِم وكُلِّ مَدارِسِهم بطلَبِ الحقيقةِ، فلَم يَصِلْ إِلَى حقيقةٍ، كُلُّ واحدٍ يَجعلُ لَهُ طرِيقًا. فإمَّا أنْ يكونَ بَعضُهُم حائرًا لا يَدرِي أينَ يَذهبُ، وإِمَّا نادِمًا؛ لأنَّهُ عَرفَ أنَّهُ ضَالٌّ وضائِعٌ، فَنَدِمَ، هذا مآلُهم، لأنَّهُم لم يَعتمِدُوا عَلَى كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وعَلَى هَدْيِ السَّلَفِ الصَّالِحِ الَّذِي يَدلُّ عَلَى الطَّريقِ الصَّحِيحِ؛ كما قال تَعالَى:﴿الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ﴾ [إبراهيم: 1] هُم تَركُوا هذا الكتابَ الَّذِي يُخرِجُ اللهُ بهِ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ: ظُلُماتِ الكُفْرِ، والشَّكِّ،
([1])هذان البيتان ذكرهما الشهرستاني فِي أول كتابه الإقدام فِي علم الكلام (ص: 3) ولم ينسبها لأحد، انظر: منهاج السنة النبوية (5/ 270)، وإيثار الحق على الخلق لابن الوزير (ص: 140). وقد قيل إن هذين البيتين لأبي بكر محمد بن باجه المعروف بابن الصانع، وقيل إنهما لابن سينا، انظر: مقدمة الملل والنحل، ووفيات الأعيان لابن خلكان (4/ 274)، وشرح الطحاوية لابن أبي العز (ص: 228) ونسبهما لأبي عبد الله الشهرستاني، وقد رد عليه الأمير الصنعاني قائلا:
لعلك أهملت الطواف بمعهد | الرسول ومن لاقاه من كل عالم | |
فما حار من يهدي بهدي محمد | وليس تراء قارعاً سن نادم |
انظر: حاشية درء التعارض (1/ 159)، وحاشية منهاج السنة النبوية (5/ 270) حيث بيّن الدكتور محمد رشاد سالم أن كلمة (العمري) ليست من البيتين، بل هي تابعة لما قبلها.
الصفحة 1 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد