وَهُو
لاَزمٌ لجَمَاعَتِهم لزُومًا لا مَحيدَ عَنْه، ومَضْمونُه أنَّ كِتَابَ اللهِ لا
يُهْتَدَى بِه في مَعْرِفَة الله، وأنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مَعزُولٌ
عن التَّعْلِيم والإِخْبَار بصِفَاتِ مَنْ أرْسَلَهُ، وأنَّ النَّاس عِنْد
التَّنازُع لاَ يَردُّونَ مَا تَنازَعُوا فِيه إلى اللهِ والرَّسُولِ، بلْ إلى
مِثْلِ مَا كَانُوا عَلَيْه في الجَاهِليَّة، وإلى مِثْل مَا يتَحَاكَمُ إلَيْه
مَنْ لا يُؤمِنُ بالأنْبِيَاء؛ كالبَرَاهِمَةِ، والفَلاَسِفَةِ -وَهُمْ
المُشْرِكُونَ- والمَجُوسُ، وبَعْضُ الصَّابِئِينَ. وإنْ كَانَ هَذَا الرَّدُّ لاَ
يَزِيدُ الأَمْرَ إلاَّ شِدَّةً، ولاَ يَرتَفِعُ الخِلاَفُ بِهِ.
إذْ لِكُلِّ فَرِيقٍ طَواغِيتُ يُرِيدُونَ أنْ يتَحَاكَمُوا إلَيْهِم،
وقَدْ أُمِرُوا أنْ يَكْفُرُوا بِهِمْ،
****
الَّذي لاَ يُصرِّحُ بهَذَا الكَلاَمِ مِنهُم يَلزَمُه لزُومًا لاَ مَحِيدَ
عَنْه! حَيْثُ لَمْ يَجْعَل المَرْجِع الكِتَاب والسُّنَّة.
وإنْ كَانَ هَذَا الرَّدُّ الَّذي رَدَّ بِه الشَّيْخ عَلَيْهم في هَذِهِ
الرِّسَالَةِ لاَ يَزيدُهُم إلاَّ عِنَادًا وشِدَّة في التَّمسُّك بآرَائِهِمْ.
لأنَّهُم لاَ يطْلُبونَ الحقَّ، وإنَّمَا يجَادِلُونَ بالبَاطِلِ؛ ليدحضُوا
بِهِ الحَقَّ، مَعَ أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى جَعَلَ القُرآنَ رَافعًا للخِلاَفِ؛
قَالَ تَعَالَى:﴿فَإِن
تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾[النساء: 59] هُمْ
يقُولُونَ: القُرآنُ والسُّنَّة لاَ يَرفَعَانِ الخِلاَفَ.
كلُّ فَريقٍ مِن هَؤُلاَءِ الضُّلاَّل لَهُ طَاغُوتٌ، والطَّاغُوت هنَا: هوَ الَّذي يحْكُم بغَيْر مَا أنْزَلَ اللهُ، فكُلُّ فَرِيقٍ لَهُم إمَامٌ وقَائِدٌ يأخذُونَ بكِلاَمهِ ويُحَكِّمونَه مِن دُونِ الله، واللهُ سبحانه وتعالى يقُولُ:﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡجِبۡتِ وَٱلطَّٰغُوتِ﴾[النساء: 51]،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد