×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

وقالَ عُمرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقَامًا، فَذَكَرَ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ»، رواه البخاريٌّ ([1]).

****

 هذه شهادةٌ ثالثةٌ مِنَ الصَّحابَةِ للرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بالبيانِ: شهادة عُمَر بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قالَ: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقَامًا، فذكرَ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ،...» يعني: خُطبتَهُ الطَّوِيلَة التي خَطَبَها صلى الله عليه وسلم فيهم يومًا كامِلاً، يُبَيِّنُ لَهُم، فإذا حانَتِ الصَّلاةُ نَزلَ، وَصلَّى بِهم، ثُمَّ رَجعَ، وصَعِدَ المِنبَرَ، وبيَّنَ لَهُم؛ حتَّى بَيَّنَ لَهُم كُلَّ شيءٍ، هذا فِي موقفٍ واحدٍ من مواقفهِ صلى الله عليه وسلم يُبيِّنُ فيهِ الأمورَ مِن بِدايةِ الخَلْقِ إِلَى نِهايَتِه مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، إِلَى أنْ دَخلَ أَهلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، ودخلَ أهلُ النَّارِ النَّارَ، ما تركَ شيئًا صلى الله عليه وسلم فِي مَقامِه هذا ِإَّلا وبَيَّنَهُ لهم. فهذهِ شهادةٌ مِن أَمِيرِ المُؤمِنينَ عُمَرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه للرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بأنَّهُ بَيَّنَ لهم كُلَّ ما يَحتاجُونَ إليه، من بدايةِ الخليقةِ إِلَى نِهايَتِها، فِي موقفٍ واحدٍ، فكيفَ بالوقتِ مِن بَعْثَتِه صلى الله عليه وسلم إِلَى وفاتهِ كُلِّهَا فِي البيانِ والتَّوْضِيحِ، قَوْلاً وعملاً؟! يُبَيِّنُ صلى الله عليه وسلم للنَّاسِ بقولِه، وَبِفعلِه صلى الله عليه وسلم. وقولُ عُمرَ رضي الله عنه: «عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ» دليلٌ عَلَى أنَّ هذا البيانَ ما كُلُّ النَّاسِ يَعرِفُه، وإِنَّما يَعرِفُه بَعضُ العُلَماءِ، ويَجهَلُه الكثيرُ، والجهلُ ليس حُجَّةً عَلَى أنَّ الرَّسُولَ لم يُبيِّنْ، فالرَّسُولُ بَيَّنَ، ولكنَّ كثيرًا مِنَ النَّاسِ يَجهلُونَه؛ وهذا يَرجِعُ إِلَى تَقصِيرِهم، لا إِلَى عَدَمِ بيانِ الرَّسُولِ.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3192).