فمِنَ المُحالِ في العَقْلِ
والدِّينِ أنْ يكونَ السِّراجُ المُنيرُ الَّذي أخرجَ اللهُ بهِ النَّاسَ منَ
الظُّلماتِ إلى النُّورِ،
****
«وسُبْحَانَ اللهِ» أي: أُنزِّهُ اللهَ عمَّا لا يَليقُ به،«وَمَا أَنَا
مِنَ الْمُشْرِكِينَ» أي: أَتبرَّأُ منهُم ومِن دِينِهم، فالَّذي لا يَتبرَّأُ
منَ الشِّرْكِ ولا أهْلِه، لا يكونُ داعِيًا إلى اللهِ.
«منَ المُحالِ» يعني: المُستحيلِ أنَّ هذا الرَّسولَ الَّذي هذه صفاتُه أنْ يَترُكَ هذا البابَ «بابَ الأسماءِ والصِّفاتِ» مُنغَلِقًا، لم يُبَيِّنْه ويُوَضِّحْه للنَّاسِ، ويأتي مَن بعدَه حُثالاتٌ منَ الجَهميَّةِ والمُعتزلَةِ وتلاميذُهم، ويقولونَ: نصوصُ الأسماءِ والصِّفاتِ ليسَتْ على حَقيقَتِها، لا تعتَقِدُوها، ظاهِرُها ضلالٌ، هذا معناهُ تَغْليطٌ للرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، وأنَّه جاءَ بما يُضِلُّ النَّاسَ، أو أنَّه كَتَمَ، ولم يُبَيِّنْ للنَّاسِ أنَّ هذه على غيرِ ظاهِرِها، وعلى هذا، فالرَّسولُ لا يَخْلُو، إمَّا أنْ يكونَ يَجهَلُ معانيَ هذه النُّصوصَ، وهذا تَجهيلٌ للرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، وإمَّا أنْ يكونَ عَلِمَها، ولم يُبَيِّنْها، فيكونُ كاتِمًا للحقِّ، وحاشاهُ من ذلكَ صلى الله عليه وسلم، وإذا كانَ كذلكَ لم يكُنْ سِراجًا مُنيرًا، ولم يأتِ ليُخرِجَ النَّاسَ منَ الظُّلماتِ إلى النُّورِ، بل جاءَ ليَزيدَهم ظُلُماتٍ، وأَتى لهم بنُصوصٍ لا تُفْهَمُ، بل تَزيدُ الضَّلالَ ضَلالاً -والعياذُ باللهِ-، هذا اتِّهامٌ للرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، فمِنَ المُحالِ أنْ يكونَ هذا الرَّسولُ الَّذي بَعثَهُ اللهُ لهِدايَةِ النَّاسِ أنْ يَترُكَ بابَ الأسماءِ والصِّفاتِ مُغلقًا، لم يُبَيِّنْه للنَّاسِ أنَّ هذه النُّصوصَ على ظاهِرِها، أو على غيرِ ظاهِرِها، فهو إمَّا جاهِلٌ وإمَّا كاتِمٌ، قد نَزَّهَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم عن ذلكَ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد