ولمَّا
كَانَ في حُدُودِ المِائَةِ الثَّانِيَة انتَشَرَتْ هَذِهِ المَقَالَة الَّتي
كَانَ السَّلَف يسَمُّونَها مقَالَة الجَهْمِيَّة، بسَبَبِ بِشْرِ بنِ غِيَاثٍ
المرِّيسِيِّ ([1])
وطَبَقَتِهِ.
وكَلامُ الأئِمَّة مثْل: مَالِكٍ، وسُفْيَانَ بنِ عُييْنَةَ، وابْنِ
المُبارَكِ، وأبِي يُوسُفَ، وأحْمَدَ، وإسْحَاقَ، والفُضَيلِ بنِ عِيَاضٍ، وبِشرٍ
الحَافِي، وغَيْرِهِم، في هَؤُلاَءِ كَثيرٌ، في ذَمِّهِمْ وتَضْلِيلِهِمْ.
****
ولمَّا جَاءَتِ المِائَةُ
الثَّانيةُ منَ الهِجْرَةِ زَادَ البَلاءُ، وظَهَرَتْ مَقالَةُ الجَهمِيَّة،
وظَهَرَت المقَالاَتُ المُخَالِفَة لمَذْهَب أهْلِ السُّنَّة والجَمَاعَة،
وكلَّمَا تأخَّرَ الزَّمَان، يزْدَادُ الشَّرُّ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لاَ
يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى
تَلْقَوْا رَبَّكُمْ» ([2]).
نِسبَةً إلَى الجَهْمِ بنِ صَفْوَانَ -كمَا سَبَقَ-، وأنَّه أخَذَهَا عنِ
الجَعْدِ بنِ دِرْهَم، والجَعْدُ بنُ دِرْهَم أخَذَها عن اليَهُودِ.
أحَدُ جُلَسَاءِ المَأمُونِ، وَهُو بِشْرُ بنُ غِيَاثٍ المرِّيسيُّ المُعتَزِليُّ،
الَّذي نَاصَبَ الإمَامَ أحْمَدَ العَداوَةَ والبَغضَاءَ، وحَثَّ المَأمُونَ عَلَى
أذِيَّتِهِ وضَرْبِهِ، بلْ أمَرَ المَأمُونَ بقَتْلِه، وقَالَ: اقتُلْهُ، وأنَا
أتحَمَّلُ دَمَهُ، ولكِنَّ اللهَ عصَمَ المَأمُونَ مِنْ ذَلِكَ.
كَلاَمُ الأئِمَّةِ في ذَمِّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أدْخَلُوا عَلَى الإسْلاَم مَا ليْسَ
([1])هو: بِشرٌ بنُ غِيَاث بن أبي كريمَةَ العَدَويُّ مَوْلاهم البغْدَاديُّ المرِّيسيُّ، من موالي آل زيد بن الخطاب رضي الله عنه، جرَّدَ القَولَ بخَلْق القرآن ودعا إليه، كان عينُ الجهمِيَّة في عصره وعالِمُهم، مات سنة ثماني عشرة ومائتين وقد قارب الثمانين.
انظر: « تاريخ بغداد » (7/ 56)، و« الأنساب » (5/ 267)، و« الوافي بالوفيات » (10/ 94)، و« سير أعلام النبلاء » (10/ 199، 200).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد