ثُمَّ هذا
القَوْلُ إِذَا تَدبَّرَهُ الإنسانُ وَجدَهُ فِي غايةِ الجَهالَةِ، بل فِي غايَةِ
الضلالَةِ كيفَ يَكونُ هَؤلاءِ المُتأخِّرونَ -لا سِيَّما والإشارةُ بالخَلَفِ
إِلَى ضَرْبٍ مِنَ المُتكلِّمينَ- الَّذِينَ كَثُرَ فِي بابِ الدِّينِ اضطرابُهُم،
وغَلُظَ مِن مَعرفةِ اللهِ حِجابُهُمْ، وأُخْبِرَ الواقفُ عَلَى نِهاياتِ
إِقْدامِهِم بما انتهَى إليهِ مِن مَرامِهِم،
****
والخَلَفُ فَهِمُوا المُرادَ مِنَ النُّصُوصِ؛ فلذلكَ هُم أَعْلَمُ مِن
السَّلَفِ، والسَّلَفُ أَسلَمُ؛ لأنَّهُم ما خاضُوا، ولا دَخلُوا فِي تأويلٍ، فهُم
أَسْلَمُ؛ لأنَّهُم فَوَّضُوا، وسَلَّمُوا، وهذا تناقضٌ؛ لأنَّهُ لا يُمكِن
السلامةُ إِلاَّ مَع العِلْمِ. أمَّا الجهلُ فليس معه سلامةٌ.
«هذا القَوْلُ»: وهُو أنَّ طريقةَ السَّلَف أَسْلَمُ، وطريقةَ الخَلَفِ
أَعْلَم وأحْكَمُ، إذا تدَبَّرهُ العاقلُ البصيرُ، تَبيَّنَ له أنَّهُ قولٌ
باطِلٌ؛ لأنَّهُم لا يَعرفُونَ عِلْمَ السَّلَفِ، فَهم جُهَّالٌ بحالِ السَّلَفِ.
بل هو قولٌ فِي غايةِ الضَّلالَةِ؛ لأنَّهُ يُؤدِّي إِلَى باطلٍ، إذا
زَهدْنا فِي السَّلَفِ، وقُلنا: هُم جُهَّالٌ، وهم ناسٌ مُغفَّلُونَ، ولا
يَعلَمونَ شيئًا، مِن أينَ إذًا نَتَلَقَّى دِينَنا؟ عَنِ الجهمِ بنِ صفوان، عن
واصلِ بنِ عطاء، عن الغزالِي، عن فُلانٍ، عن فُلانٍ؟ إذا تركْنا أبا بكرٍ وعُمرَ
وعُثمانَ وعَلِيًّا والصَّحابةَ، وترَكْنا التَّابِعينَ، نَتلقَّى العِلْمَ عنِ
الجهميَّةِ والمعتزلةِ وأفراخِ هؤلاءِ! هذا غايةُ الضَّلالِ.
كَثُر اضطرابُ الخَلَفِ؛ لأنَّهُم صارُوا مُختَلفِينَ فِي مَنهجِهم اختلافًا كثيرًا فِي عَقائِدِهم، وفِي تأويلاتِهم، لا يَستقِرُّونَ عَلَى رأيٍ؛ كُلُّ واحدِ لَه رأيٌ، فهُم مُضْطَرِبُونَ؛ لأنَّهُم لم يَصدُروا عن مَصدَرٍ صحيحٍ مِن
الصفحة 1 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد