وأنَّ مَنْ
جعلَ الرسول غَيرَ عالِم بمَعانِي القُرآنِ الَّذِي أُنْزِلَ إلَيْه، ولاَ جبرِيل
جعلَه غَيرَ عالِم بالسمعيَّاتِ، لَم يَجعلِ القُرآنَ هُدًى ولاَ بيانًا للنَّاس.
****
هُوَ العلْم بمَا فِي القُرْآنِ والسنَّة، ولهَذَا يقُولُ ابنُ القَيِّم ([1]):
فتَدبر
القُرآنَ إنْ رُمْتَ الهُدَى |
|
فالعلْمُ
تَحْتَ تَدبرِ القُرآنِ |
وقَالَ أيْضًا:
العلْمُ قَالَ
اللهُ قَالَ رسوله |
|
قَالَ
الصَّحَابةُ هُمْ أُولُو العرْفَانِ([2]) |
هَؤلاَءِ المُفَوِّضَة الَّذِينَ سبقَ الكلاَم عنْهُم آنِفًا الَّذِينَ يقُولُونَ:
إنَّ الرسول لاَ يَعلمُها.
والمُرادُ بالسمْعيَّاتِ: مَا يُقابل العقْلِيَّات، وهِيَ الأدلَّةُ
القُرآنيَّة، أدِلَّة السمْع، وَهُوَ الوَحْي.
اللهُ سبحانه وتعالى يقُولُ: ﴿هُدٗى
لِّلۡمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 2] فِي أوَّلِ السورَة، ويقُولُ فِي وَسطِ
السورَة: ﴿هُدٗى
لِّلنَّاسِ﴾ [البقرة: 185] عمُومًا ﴿هُدٗى
لِّلۡمُتَّقِينَ﴾هِدَايَة تَوْفِيق وقَبول، ﴿هُدٗى
لِّلنَّاسِ﴾دَلاَلَة إرْشَادٍ وبيانٍ، فالقُرآنُ فِيهِ
الهِدَايَتَانِ:
1- هِدَايَةُ الدَّلالَة والإرْشَاد: وَهَذَا لجمِيع النَّاس
المُؤمِنِ والكافِر.
2- وهِدَايَةُ تَوفِيقٍ وقَبول: وَهَذَا إنَّما يكونُ للمُؤمِنِينَ خَاصَّة كمَا قَالَ تَعالَى: ﴿هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ﴾.
([1])انظر: «النُّونيَّة بشرح ابن عيسى» (1/ 315).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد