×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

فيقُولُونَ: إنَّ النُّصُوصَ الوَارِدَة فِي الصِّفَات لَم يَقْصِدْ بهَا الرسول صلى الله عليه وسلم أنْ يَعتَقِدَ النَّاس الباطِلَ، ولَكن قَصَدَ بهَا مَعانِي ولَم يُبيِّن لَهُم تِلْك المَعانِي، ولاَ دلَّهُم علَيْها، ولَكن أرَادَ أنْ ينْظُرُوا فيَعرِفُوا الحقَّ بعقُولِهِم، ثُمَّ يجتَهِدُوا فِي صَرْفِ تِلْك النُّصُوصِ عنْ مَدْلُولِهَا، ومَقْصُودُه امْتِحَانُهم وتكلِيفُهُم، وإتْعاب أذْهَانِهم وعقُولِهم فِي أنْ يَصْرِفُوا كلاَمَه عنْ مَدْلُولِه ومُقْتَضَاه، ويَعرِفُوا الحَقَّ منْ غَيْرِ جهَتِه، وَهَذَا قَوْل المُتَكلِّمَة والجهْمِيَّة، والمُعتَزِلَة ومَنْ دَخَلَ مَعهُم فِي شَيْء مِنْ ذَلِك.

والَّذِينَ قَصَدْنَا الرَّدَّ علَيْهم فِي هَذِهِ الفُتْيَا هُم هَؤلاَءِ، إذْ كانَ نُفُورُ النَّاس عنِ الأوَّلينَ مَشهُورًا،

****

 الرسول جاءَ بهَذِه النُّصُوصِ، ولَم يُرِدْ مِنَ النَّاس أنْ يَعتَقِدُوها علَى ظَاهِرِهَا، وإنَّمَا أرَادَ مِنْهُم أنْ يُؤَوِّلُوها عنْ ظَاهِرِهَا؛ لأنَّ ظَاهِرَها عنْدَهُم لاَ يَلِيقُ باللهِ، وَهَذَا مَعنَاه أنَّ الرسول جاءَ بألْغَازٍ وأَحَاج، ولَمْ يَأْتِ بكلاَمٍ فَصِيحٍ، مَع أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم هُوَ أعلَمُ الخَلْق وأفْصَح الخَلْق وأنْصَح، وَهَذَا اتِّهَامٌ للرسول صلى الله عليه وسلم بأنَّه لَم يُبلِّغْ، ولَم يُبيِّن للنَّاس المُرَاد ممَّا أُنْزِلَ إلَيْه مِنْ رَبه.

أيْ: الصِّنْف الثَّانِي، وهُمْ أهْلُ التَّأوِيلِ مِنَ الجهْمِيَّة والمُعتَزِلة ومَنْ سلَك سبيلَهُم، الَّذِينَ يُؤَوِّلُون الأَسمَاء والصِّفَات إِلىَ غَيْر مَعانِيهَا، أمَّا أهْلُ التَّخْيِيل وأهْلُ التَّجهِيل فالرَّدُّ علَيْهم فِي كتُب أخْرَى غَيْر هَذِهِ الفَتْوَى.

لأنَّ النَّاس يَنْفِرونَ عنِ الصِّنْف الأوَّلِ الَّذِينَ هُم أهْلُ التَّخْيِيلِ والفَلاَسفَة، لَكن أهْل التَّأوِيلِ يَغُرُّونَ النَّاس بأنَّهُم علَمَاء، ويدَّعون نُصْرَةَ السنَّة والرَّدَّ علَى أهْلِ الضَّلاَلِ، فخَطَرُهُم علَى المُسلِمِينَ أشَدُّ مِنْ خَطَرِ غَيْرِهِمْ.


الشرح