×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

وإنَّمَا الهُدَى رُجُوعُكم إلى مقَايِيسِ عُقُولِكم، ومَا يُحدِثُه المُتكلِّمُونَ مِنْكُم بَعْد القُرُونِ الثَّلاَثَة. وإنْ كَانَ قَدْ نَبَغَ أصْلُهَا فِي أوَاخِرِ عَصْرِ التَّابِعِينَ.

ثمَّ أصْلُ هَذِهِ المَقَالَة -مقَالَة التَّعْطِيل للصِّفَات -إنَّمَا هُوَ مَأخُوذ عَن تَلامِذَةِ اليَهُودِ والمُشْرِكِينَ، وضُلاَّلِ الصَّابِئِينَ.

****

لأنَّ هَذَا الجَدَل وهَذِهِ القَوَاعِد المَنطِقيَّة وهَذَا البَلاَء إنَّما حَدَثَ بَعْدَ القُرونِ المُفضَّلَة الأرْبَعة أو الثَّلاثَة، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ....» ([1]) قَال الرَّاوِي: لاَ أدْرِي ذَكَر بَعْد قَرْنِه قَرْنَيْن أوْ ثَلاَثَة، ثمَّ قَالَ: «إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ» ([2]) إلى آخِرِ مَا قَالَهُ صلى الله عليه وسلم في وَصْف الخُلُوفِ، فَهَذِه الفِتَن إنَّما حَدَثَت بعْدَ القُرونِ المفَضَّلَة. نَعَم، مِنْهَا شَيْء حَدَثَ في عَصْر آخِرِ الصَّحَابَة وعَصْرِ التَّابِعِينَ، لَكِن لَمْ يَظْهَر؛ لأَنَّ الإسْلاَم قَوِي، ولَم تَظْهَر الفِرَقُ إلاَّ بَعْدَ مُضِيِّ القُرُونِ المفضَّلَة عِنْد ضَعْفِ المُسْلِمِينَ.

لمَّا فَرغَ رحمه الله مِن المُقَارَنَةِ بَينَ مَا دَلَّ عَلَيْه الكِتَاب والسُّنَّة مِن العَقَائِد الصَّحِيحَة ومَا عَلَيْه المُتأخِّرُونَ مِن العَقَائِد البَاطِلَة، أرَادَ أنْ يُبيِّنَ سَنَد أهْلِ الضَّلاَلِ، مِن أيْنَ جَاءَهُم هَذَا المَذْهَب، مِن أيْنَ أخَذُوهُ؟ لأنَّهُ بَيَّن أنَّ أهْلَ السُّنَّة والجَمَاعَة أخَذُوا مَذْهَبَهُم مِنَ الكِتَاب والسُّنَّة وممَّا عَلَيْه السَّلَف الصَّالِح، وهَؤُلاَءِ المُتأخِّرُونَ أهْلُ الضَّلاَل مِنْ أيْنَ أخَذُوا


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2651)، ومسلم رقم (2535).

([2])أخرجه: البخاري رقم (2651)، ومسلم رقم (2535).