×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

فهم كثِير مِن المُنْتَسبينَ إِلىَ السنَّة وأتْباع السلَف. يقُولُونَ: إنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكن يَعرِف مَعانِي مَا أنْزَل اللهُ علَيْه مِن آيَاتِ الصِّفَات، ولاَ جبرِيلَ يَعرِفُ مَعانِي الآيَاتِ، ولاَ السابقُونَ الأوَّلُونَ عرَفوا ذَلِك.

****

 والصَّحَابة خُصُوصًا، كمَا يَأتِي مِن أقْوَالِهم: أنَّهُم لاَ يتجاوَزُون عشْر آيَاتٍ حَتَّى يَعرِفُوا معانِيهنَّ والعمَل بهِنَّ، مَا استثْنَوا شَيْئًا.

يقُولُ مُجاهِدٌ رحمه الله: «عرَضْتُ المُصحَفَ علَى ابنِ عباس مِن فَاتِحَتِه إِلىَ خاتِمَتِه أُوقِفُه علَيْه عنْد كلِّ آيةٍ منْه، وأسأَله عنْهَا» ([1])، مَا قَالَ: أُوقِفُه عنْد بعض الآيَاتِ، بل قَالَ عنْد كلِّ آيَة، إذًا فالقَوْل باستِثْنَاء شَيْء مِنَ القُرْآن لاَ يُتَدَبر قَوْلٌ ظَاهِرُ البطْلاَن، ونِسبتُهُ إِلىَ السلَف كذِب وافْتِرَاءٌ، فلَيْس هُوَ مذْهَب السلَف، فيَجب التَّنبيه لهَذَا؛ لأنَّ هَذَا المَذْهَب خَطِير جدًّا.

وانتِسابهم إِلىَ السنَّة وإلى السلَف غَيْر صَحِيح.

هَذَا تَجهِيل للرسول بأنَّه لَم يَعلَم أَوْ لاَ يَعرِفُ مَعاني مَا أُنْزِل علَيْه مِنَ الصِّفَات، واللهُ سبحانه وتعالى قَالَ لَهُ:﴿وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ[النحل: 44]، كيْف يُبيِّن للنَّاس، وَهُوَ لاَ يَعرِف مَعانِي هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي هِيَ أجلُّ مَا فِي القُرْآنِ؟!

وكذَلِك كذبوا علَى جبرِيلَ: أنَّه ينْقِل ألْفَاظًا أعجميَّةً لاَ يَفْهَم لَهَا مَعنَى.


الشرح

([1])أخرجه: الطبري فِي «تفسيره» (2/ 395)، والإِمام أَحمد فِي «فضائل الصحابة» بنحوه (2/ 958)، وأبو نعيم فِي «الحِلْيَة» (3/ 279، 280).