فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَعَلِيٌّ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ...
****
القرآنُ مَملُوءٌ بأنَّ اللهَ هو العلِيُّ الأعَلَى، قال تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ
ٱلۡعَظِيمُ﴾ [البقرة: 255]، وقال تعالى: ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ
رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى﴾ [الأعلى: 1]، وَصفَ نَفسَهُ بأنَّهُ عَلِيٌّ، ووَصفَ
نَفْسَهُ بأنَّهُ الأعَلَى، وهو فوقَ مَخلُوقاتِهِ سبحانه وتعالى: فَوقَهُم
بذاتِهِ، وفوقَهُم بِقَدْرِهِ، وفَوقَهُم بِقَهْرِهِ، ﴿وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ
فَوۡقَ عِبَادِهِۦۚ﴾ [الأنعام: 18]، فالعُلُوُّ له ثَلاثَةُ معانٍ: عُلُوُّ
الذَّاتِ، وعُلُوُّ القَدْرِ، وعُلُوُّ القَهْرِ.
أهلُ الحَقِّ يُثبِتُونَ المَعانِيَ الثَّلاثةَ كُلَّها للهِ: عُلُوَّ
الذاتِ، وعُلُوَّ القَدْرِ، وعُلُوَّ القَهْرِ.
أهلُ الضَّلالِ يَنفُونَ عُلُوَّ الذَّاتِ، وَيُثبِتُونَ عُلُوَّ القَدْرِ وعُلُوَّ
القَهْرِ.
«وَهُوَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ» كما قال تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن
فَوۡقِهِمۡ﴾ [النحل: 50]، ﴿وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ
فَوۡقَ عِبَادِهِۦۚ﴾ [الأنعام: 18] وَصفَ نَفسَهُ بأنَّهُ فوقَ عِبادِهِ،
والفوقيَّةُ معناها: فَوقِيَّةُ الذَّاتِ، فهو بِذاتِه سبحانهُ فوقَ عبادِه: ﴿وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ فَوۡقَ
عِبَادِهِۦۖ وَيُرۡسِلُ عَلَيۡكُمۡ حَفَظَةً﴾ [الأنعام: 61]، ليس
فِي ذاته شيءٍ من مخلوقاته، ولا فِي مخلوقاته شيء من ذاتِهِ؛ ولِهَذا قال
السَّلَفُ ([1]):«بائِنٌ مِنْ
خَلْقِهِ».
بائِنْ يعني: مُنفَصِل، ليس فِي ذاتِهِ شَيءٌ مِن خَلْقِهِ، ولا فِي خَلقِهِ شَيْءٌ مِن ذاتِه سبحانه وتعالى، وهذا رَدٌّ عَلَى الحُلولِيَّةِ الَّذِين يقولونَ: إنَّ اللهَ حالٌّ فِي كُلِّ مكانٍ، تعالى الله عَمَّا يَقُولُونَ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد